الجهة الثالثة : فيما إذا نوى الغسل حال خروجه من الماء فعلى ما قدّمناه من أن ظواهر الأدلّة طلب الإحداث والإيجاد فالواجب هو الارتماس إحداثاً وإيجاداً وأما الارتماس بقاء فهو غير مأمور به فلا يكفي في الاغتسال لا إشكال في عدم صحّة غسله ، فلو كان إيجاده عن تعمد واختيار بطل صومه ، بل ارتكب المعصية أيضاً فيما إذا كان الصوم واجباً معيّناً أو كان في نهار شهر رمضان بخلاف ما إذا لم يكن عن اختيار ، فان صومه لا يبطل بذلك ولا يرتكب المعصية مطلقا.
وأمّا إذا قلنا بكفاية الإبقاء كالإحداث ولو بدعوى أن قوله : إذا ارتمس في الماء ارتماسة واحدة (١) مطلق يشمل كلاًّ منهما فنوى الغسل حال الخروج ففيه تفصيل وحاصله : أن إدخال بدنه في الماء إذا لم يكن عن عمد واختيار كما إذا زلق فوقع في الماء في شهر رمضان أو نسي حتى أحاط الماء على تمام بدنه فلا كلام في صحّة صومه وغسله أو صحّة إحرامه وغسله من دون أن يرتكب الحرام ، وذلك لعدم حرمة خروجه من الماء حينئذ ، فالارتماس بحسب البقاء غير محرّم في حقه لعدم استناده إلى الاختيار ، وهو نظير الخروج من الدار المغصوبة إذا توسطها من غير اختياره. وأما إذا كان ارتماسه بسوء اختياره فلا إشكال في بطلان صومه المعيّن وكذلك في صوم شهر رمضان.
وهل يصحّ غسله إذا نوى الغسل حال الخروج نظراً إلى أنّ المفطر الحرام إنّما هو حدوث الارتماس وأما بحسب البقاء فلا حرمة فيه لعدم كونه مفطراً؟ أمّا في صوم شهر رمضان فقد استشكل الماتن في صحّته ، وهو كما أفاده ، وذلك لأن الارتماس بحسب البقاء وإن لم يكن مفطراً إلاّ أن الإتيان بالمفطر محرم في شهر رمضان ولو بعد إبطال الصوم أو الإفطار ، فإذا أفطر بالأكل أو بغيره فيحرم عليه الأكل أو غيره ثانياً وثالثاً في نفسه لا بعنوان أنه مفطر ، ومع حرمته ومبغوضيته لا يقع مصداقاً للواجب. وأمّا في غير صوم شهر رمضان فأيضاً استشكل فيه الماتن من جهة أن الارتماس من أوّله وهو غمس بدنه في الماء وإحاطته إلى آخره وهو خروجه من الماء شيء واحد
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٢٣٠ / أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ٥ ، ١٢.