من جهة حسين بن زياد النوفلي ، لما قرّرنا في محلِّه من أن الرجل موثق (١) ، بل لأجل أنها قاصرة الدلالة على بطلان العبادة بمجرّد السرور بظهور العمل لدى الغير ، وذلك لأنّ النشاط عند رؤية الناس يستلزم التغير في كيفية العمل لا محالة بتحسين تجويده أو بإطالة ركوعه وسجوده ونحوهما ، ولا إشكال في أنه رياء وإتيان بالعبادة بداعي غيره تعالى ، وهذا بخلاف مفروض الكلام من أنه يأتي بالعبادة بداعي أمر الله فحسب إلاّ أنه يسره رؤية الغير لعمله من غير أن تكون لرؤية الغير مدخلية في عبادته ، نعم هذا غير مناسب للمتقين إلاّ أنه مطلب آخر. على أن سرور العامل بمشاهدة غيره عمله أمر جبلي طبعي في غير المعصومين عليهمالسلام وجماعة قليلين ، فكيف يمكن الحكم بحرمته وأن الغالب بل الجميع يرتكبون المحرّم في عباداتهم. فالمتحصل أن الرِّياء المحرّم إنما هو مختص بالعبادة فيما إذا كان لرؤية الغير مدخلية فيها بما هي عبادة.
الأنحاء المتصوّرة في الرّياء
والرِّياء على هذا النحو يتصور على وجوه : أحدها : أن يأتي بالعبادة خالصة لغير الله سبحانه ، بأن يكون محركه نحوها إراءة عبادته للغير من غير أن تكون مستندة إلى امتثال أمر الله سبحانه ولو على نحو التشريك. وثانيهما : أن يأتي بها بداعي كل من امتثال أمره تعالى ورؤية غيره ، بأن يكون كل من الرِّياء والامتثال له مدخلية في عمله ، فالمحرك والداعي هو مجموع طاعة الخالق والمخلوق بحيث لو كان كل منهما منفكّاً عن غيره لم تصدر منه العبادة بوجه. والحكم ببطلان العبادة في هاتين الصورتين على طبق القاعدة قلنا بحرمة الرِّياء أم لم نقل ، حتى لو فرضنا أن تلك الروايات المستفيضة بل المتواترة لم تكن أيضاً كنا حكمنا ببطلان العبادة في الصورتين المذكورتين ، وذلك لأنه يشترط في صحّة العمل العبادي استناده إلى الله سبحانه بأن يكون الداعي الإلهي مستقلا في الداعوية والمحركية ، بحيث لو كان وحده كفى في
__________________
عليهالسلام لشهادة ابن قولويه وعلي بن إبراهيم ( رضوان الله عليهما ) بذلك فالرواية موثقة لوجود النوفلي في أسناد الكتابين.
(١) معجم رجال الحديث ٧ : ١٢٢.