الاجتماع كالمساجد ، أو في مكان مكشوف وإن كان ذلك موجباً لسروره وفرحه ، ومجرّد السرور برؤية الغير وحبّه ظهور عمله لدى الغير أمر اتفاقي غير مبطل للعبادة ، لعدم صدورها إلاّ بالداعي الإلهي ، فإن مثله خارج عن الرِّياء خروجاً تخصّصيّاً موضوعياً لأنّ الرِّياء بمفهومه اللّغوي والعرفي لا يشمل مثله حيث يعتبر في مفهومه أن تكون لرؤية الغير مدخلية في عمله ، ومع فرض عدم دخالتها في العمل لا يصدق عليه الرِّياء.
ثمّ لو تنزلنا عن ذلك وسلمنا صدق الرِّياء عليه فهو خارج عن الرِّياء المبغوض المحرّم قطعاً ، وذلك بقرينة ما حمل عليه أي على الرِّياء في رواياته ، حيث حمل عليه عنوان الشرك ، وورد أن كل رياء شرك ، وهذا المحمول قرينة على أن الرِّياء المحرّم المبغوض إنّما هو الرِّياء الذي يكون شركاً ، وبما أنّ مفروض المسألة عدم الإشراك في العبادة بوجه لعدم مدخلية رؤية الغير فيها على الفرض ، فهو من الرِّياء غير المحرّم شرعاً ، هذا كلّه.
مضافاً إلى صحيحة زرارة أو حسنته باعتبار إبراهيم بن هاشم ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : « سألته عن الرجل يعمل الشيء من الخير فيراه إنسان فيسره ذلك ، قال : لا بأس ، ما من أحد إلاّ وهو يحب أن يظهر له في الناس الخير ، إذا لم يكن صنع ذلك لذلك » (١) ، وقوله : « ما من أحد » محمول على الغالب في عامّة الناس.
وأمّا ما ورد في موثقة النوفلي عن السكوني وكذا في غيرها من أنّ للمرائي علامات ثلاث : ينشط إذا رأى الناس ، ويكسل إذا كان وحده ، ويحب أن يحمد في جميع أُموره (٢) فهو غير معارض للصحيحة أو الحسنة بوجه ، وذلك لا لأجل ضعفها
__________________
(١) المروية في الوسائل ١ : ٧٥ / أبواب مقدّمة العبادات ب ١٥ ح ١.
(٢) المروية في الوسائل ١ : ٧٣ / أبواب مقدّمة العبادات ب ١٣ ح ١. وهذه الرواية وإن عبر عنها في كلام غير واحد بالخبر ، الدال على ضعفها لوجود النوفلي وهو حسين بن يزيد في سندها ولم يرد فيه توثيق في كتب الرجال ، إلاّ أنه بناء على ما أفاده سيِّدنا الأُستاذ ( دام ظله ) من وثاقة كل من وقع في أسانيد كتاب كامل الزيارات أو تفسير القمي ، وكان السند الواقع فيه متصلاً بالمعصوم