ومنها : صحيحة حكم بن حكيم ، قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن غسل الجنابة ، فقال : أفض على كفك اليمنى من الماء فاغسلها ثمّ اغسل ما أصاب جسدك من أذى ثمّ اغسل فرجك وأفض على رأسك وجسدك فاغتسل ، فان كنت في مكان نظيف فلا يضرك أن لا تغسل رجليك ، وإن كنت في مكان ليس بنظيف فاغسل رجليك » (١).
حيث إنه عليهالسلام فرّع على صب الماء على الرأس والجسد بقوله : « فإن كنت ... » إلخ أنه إن كان في مكان نظيف فالماء الذي صبه على الرأس والجسد يكفي في غسل رجليه فلا يجب غسلهما بعد ذلك ، وأما إذا كان المكان قذراً وتنجس به رجلاه فيجب أن يغسلهما بعد صبه الماء على رأسه وجسده إتماماً للغسل ، وهذا لا يتم إلاّ بناء على عدم اعتبار الترتيب بين الطرفين ، إذ لو كان معتبراً لوجب أن يأمره بغسل رجله اليمنى أوّلاً ثمّ غسل رجله اليسرى وجميع طرفه الأيسر ثانياً تحصيلاً للترتيب المعتبر بين الجانبين.
وممّا يدلّنا على ما ادعيناه ولعله أظهر ما في الباب من الروايات ما رواه الصدوق في الموثق عن عمار بن موسى الساباطي « أنه سأل أبا عبد الله عليهالسلام عن المرأة تغتسل وقد امتشطت بقرامل ولم تنقض شعرها كم يجزئها من الماء؟ قال : مثل الذي يشرب شعرها وهو ثلاث حفنات على رأسها وحفنتان على اليمين وحفنتان على اليسار ثمّ تمرّ يدها على جسدها كلِّه » (٢) وهي صريحة في المدعى ، فان قوله عليهالسلام : « ثمّ تمرّ يدها » تدلّ على تراخي إمرار اليد عن صبّ الحفنتين على اليمين واليسار ، ولا وجه للإمرار بعد ذلك إلاّ عدم وصول الحفنتين في كل من الطرفين إلى جميع البدن ، وإلاّ الإمرار مما لا وجه له ، ولم تدلّ الموثقة على أنها تمر بيدها على الجانب الأيمن أوّلاً ثمّ تصب الحفنتين على الأيسر وتمرّ يدها عليه ، بل هي مطلقة
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٢٣٠ / أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ٧ ، ٢٣٣ / ب ٢٧ ح ١.
(٢) الوسائل ٢ : ٢٥٧ / أبواب الجنابة ب ٣٨ ح ٦. الفقيه ١ : ٥٥ / ٢٠٨.