على أنه بعد صبّ الماء حفنتين على أحد الجانبين يصب الماء حفنتين على الجانب الآخر ، وهل يمكن أن يغسل بحفنتين من الماء تمام الجانب الأيمن حتى تكون الكفّان بعد ذلك لغسل النصف الأيسر؟ بل يستحيل ذلك عادة.
ثمّ لو فرضنا أنّ كفين من الماء يكفي في غسل تمام النصف أو أخذنا بما دلّ على صبّ الماء على الجانبين مرّتين ولو بمقدار يكفي في غسل الطرفين ، إلاّ أن في صبّ الماء مرّتين على النصف الأيمن لا محالة يغسل شيء من النصف الأيسر أيضاً ، إذ لم يجعل خط فاصل بين نصفي البدن نصفاً حقيقياً يمنع عن وصول الماء من جانب إلى جانب ، فإذا غسل شيء من الجانب الأيسر بغسل الجانب الأيمن فهو كاف في غسل الجانب الأيسر ولا يلزم غسل ذلك المقدار منه ثانياً ، بدلالة الصحيحة نفسها على أن ما جرى عليه الماء فقد أجزأه ، فهي بنفسها دالّة على عدم اعتبار الترتيب بين الطرفين. هذا كلّه فيما استدلّ به على اعتبار الترتيب بين الطرفين أوّلا.
واستدلّ على اعتباره ثانياً بما يتألف من مقدمتين :
إحداهما : ما ورد في جملة من الأخبار (١) فيها المعتبرة وغير المعتبرة من اعتبار الترتيب بين غسل الجانب الأيمن والجانب الأيسر في غسل الميت ، وأنه يغسل رأسه أوّلاً ثمّ يغسل طرفه الأيمن ثمّ الأيسر.
وثانيتهما : ما ورد من أن غسل الميت كغسل الجنابة (٢) ، حيث استفيد منها أنهما على حدّ سواء. وحيث أنّ المقدّمة الأُولى تثبت اعتبار الترتيب في غسل الميت فلا محالة يعتبر ذلك في غسل الجنابة أيضاً بحكم المقدّمة الثانية.
ويدفعه : أنّ الترتيب وإن كان معتبراً في غسل الميت إلاّ أن المقدّمة الثانية ممنوعة وذلك لأن الرواية لم تشتمل على أن غسل الجنابة كغسل الميت حتى يدلّ على أنّ ما يعتبر في المشبه به يعتبر في المشبّه لا محالة ، وإنّما اشتملت على أنّ غسل الميت كغسل
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٤٧٩ / أبواب غسل الميت ب ٢.
(٢) الوسائل ٢ : ٤٨٦ / أبواب غسل الميت ب ٣ ح ١ ، وهي صحيحة محمّد بن مسلم.