ومنها : صحيحة زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « من اغتسل من جنابة فلم يغسل رأسه ثمّ بدا له أن يغسل رأسه لم يجد بداً من إعادة الغسل » (١) نعم لا دلالة لها على بطلانه فيما إذا غسل رأسه مقارناً لغسل بدنه ، لأنها إنما تدلّ على بطلانه فيما إذا غسل بدنه قبل غسل رأسه فحسب. ولكن يمكن أن يقال بدلالتها على بطلانه في صورة المقارنة بعدم القول بالفصل ، لأن من قال بالترتيب بين الرأس والبدن والتزم ببطلانه عند تأخيره عن غسل البدن التزم ببطلانه عند مقارنة غسله لغسله أيضا.
ومنها : ما رواه حريز عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « من اغتسل من جنابة ولم يغسل رأسه ثمّ بدا له أن يغسل رأسه لجهله بلزومه مثلاً لم يجد بدّاً من إعادة الغسل » (٢) وهي كسابقتها.
ومنها : صحيحته أي حريز المعبّر عنها بمقطوعة حريز في كلماتهم ، في الوضوء يجف ، قال « قلت : فان جفّ الأوّل قبل أن أغسل الذي يليه ، قال : جفّ أو لم يجف اغسل ما بقي ، قلت : وكذلك غسل الجنابة ، قال : هو بتلك المنزلة ، وابدأ بالرأس ثمّ أفض على سائر جسدك ، قلت : وإن كان بعض يوم ، قال : نعم » (٣) ودلالتها على اعتبار تقديم غسل الرأس على غسل البدن ظاهرة ، وإنما الكلام في أنها مضمرة حيث لم يسندها حريز إلى الإمام عليهالسلام ، إلاّ أنّ إضمار حريز كإضمار زرارة وأضرابه لأنّ حريزاً من أجلاء أصحاب الصادق عليهالسلام وليس من شأنه السؤال عن غير الإمام ودرجه في الأخبار.
وقد يُقال : إنّها مقطوعة وتوصف بها ، ولعلّه من جهة إرجاع الضمير في « قال قلت : فان جفّ ... » إلى عبد الله بن المغيرة الذي يروي عن حريز ليكون هو السائل دون حريز ، وإرجاع الضمير في « قال : جف أم لم يجف » إلى حريز ليكون هو المجيب دون الإمام. إلاّ أنه بعيد غايته ، لأن الظاهر أن ابن المغيرة إنما يروي عن حريز ، نعم
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٢٣٥ / أبواب الجنابة ب ٢٨ ح ١.
(٢) الوسائل ٢ : ٢٣٥ / أبواب الجنابة ب ٢٨ ح ٣.
(٣) الوسائل ٢ : ٢٣٧ / أبواب الجنابة ب ٢٩ ح ٢.