رمضان والغسل من الجنابة (١).
وربّما يقال : إنّ دلالتها على المدّعى ظاهرة ، حيث عدّ غسل الجنابة من دعائم الدِّين ، ويبعد جدّاً أن يراد به الوجوب الغيري لمكان أنه مقدّمة للصلاة ، إذ للصلاة شرائط ومقدّمات أُخر لا وجه لتخصيصه بالذكر حينئذ من بينها. وهذه الرواية وإن كانت معتبرة بحسب السند لوجود الحسين بن سيف في أسانيد كامل الزيارات ، ولكنه يمكن المناقشة في دلالتها بأنا لا نحتمل أن يكون غسل الجنابة من الأركان دون الجهاد والزكاة وأمثالهما مع أنها عدته من الأركان وتركت أمثال الجهاد والأمر بالمعروف وغيرهما مما هو أعظم من غسل الجنابة بمرات كثيرة ، وليس هو بتلك المثابة من الأهميّة قطعا.
وأمّا الاستدلال بغيرها من الأخبار فيدفعه أنها ممّا لا دلالة له على المدّعى كالاستدلال بما ورد من قولهم : « إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل » (٢) وقولهم : « أتوجبون عليه الحدّ والرجم ولا توجبون عليه صاعاً من ماء » (٣) وذلك لأنها إنما هي بصدد بيان ما هو الحد لموضوع تلك الأحكام وأنّ حدّه هو الالتقاء ، وليست في مقام بيان أنها واجبة نفسيّة أو غيريّة ، بل تحد الموضوع لتلك الأحكام الأعم من النفسيّة والغيريّة وتدلّ على أن حدّ وجوب الغسل على ما هو عليه من النفسيّة أو الغيريّة هو الالتقاء ، ولا دلالة لها على وجوبها النفسي أبدا.
وعلى الجملة : إنّها إنما سيقت لبيان أن الموضوع لتلك الأحكام أي شيء من غير
__________________
(١) الوسائل ١ : ٢٨ / أبواب مقدّمة العبادات ب ١ ح ٣٨. رواها البرقي في المحاسن [ ١ : ٤٤٩ / ١٠٣٧ ]. هكذا : أنه سئل عن الدين الذي لا يقبل الله من العباد غيره ، ولا يعذرهم على جهله ، فقال : شهادة أن لا إله إلاّ الله وأن محمّداً رسول الله صلىاللهعليهوآله والصلاة الخمس وصيام شهر رمضان والغسل من الجنابة وحج البيت والإقرار بما جاء من عند الله جملة والائتمام بأئمة الحق من آل محمّد ، الحديث.
(٢) الوسائل ٢ : ١٨٣ / أبواب الجنابة ب ٦ ح ٢ ، ٥.
(٣) الوسائل ٢ : ١٨٤ / أبواب الجنابة ب ٦ ح ٥.