ويدلّ على ما ذكرناه قوله تعالى ﴿ وَلا جُنُباً إِلاّ عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ﴾ (١) حيث جعل الغاية الاغتسال ولم يقل حتى تيمموا ، لأنه بإطلاقه يدلّ على أن وظيفته الغسل تيمم أم لم يتيمم. وعلى الجملة لا يجوز الدخول في المسجد بالتيمم إلاّ أن يضطر إليه اضطراراً شرعياً كتوقف إنقاذ نفس محترمة على الدخول ونحوه.
الجنب المتيمم لبعض المسوغات ليس له أن يدخل المسجد
الثاني : ما إذا كان جنباً ووجب عليه التيمم لا لأجل كون الماء في المسجد ، بل لأجل مرض له أو قرحة وجراحة وتيمم لأجل الصلاة فهل يجوز أن يدخل المسجد حينئذ أو لا يجوز؟ ظاهر كلماتهم جواز ذلك بل لم نر ولم نسمع خلافاً في ذلك ، ولكن للمناقشة فيما تسالموا عليه مجال واسع.
وذلك لأنّ الحكم قد يترتب على عنوان الحدث وعدم الطّهارة كما في حرمة مسّ كتابة القرآن ، حيث إنها مترتبة على عنوان الحدث وعدم الطّهارة على ما ورد في بعض الأخبار من استشهاده عليهالسلام على عدم جواز مسّ المحدث الكتاب بقوله تعالى ﴿ لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ﴾ (٢) فجواز المس مترتب على الطّهارة وعدم الحدث ، وكوجوب الصلاة فإنه متوقف على الطّهارة لما ورد من أنه لا صلاة إلاّ بطهور (٣) ، ففي أمثال ذلك إذا لم يتمكن المكلّف من الوضوء أو الغسل وتيمم به بدلاً عن الطّهارة المائية فلا محالة ترتفع عنه الأحكام المترتبة على الحدث وعدم الطّهارة ، لأن التيمم يرفع الحدث ويوجب الطّهارة حقيقة غاية الأمر ما دام معذوراً عن الماء. والقول بالإباحة كلام محض بل لعله لا قائل بها واقعاً ، وذلك لعدم إمكان الالتزام بأن المتيمم محدث ويجوز له الصلاة وغيرها تخصيصاً في أدلّة اشتراط الطّهارة في الصلاة.
__________________
(١) النساء ٤ : ٤٣.
(٢) كما في موثقة إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليهالسلام الوسائل ١ : ٣٨٤ / أبواب الوضوء ب ١٢ ح ٣.
(٣) الوسائل ١ : ٣٦٥ / أبواب الوضوء ب ١ ح ١ ، وغيرها من الموارد.