سبحانه إن تعظيمها من تقوى القلوب (١). ويدفعه : أن التعظيم بما له من المراتب المختلفة مما لا دليل على وجوبه ، نعم هو مستحب ، وإنما يحرم الهتك فقط ، فإذا لزم من دخول الجنب ومكثه في المشاهد هتك فنلتزم بحرمته وبذلك يتصف تعظيمها بالوجوب ولكن بالعرض والمجاز ، فإن الحرمة متعلقة بالهتك وتركه يستلزم التعظيم والهتك قد يكون وقد لا يكون ، بل ربّما يكون دخول الجنب المشاهد مصداقاً للتعظيم والإجلال ، كما إذا كان الوقت ضيقاً ولم يتمكن المسافر من الاغتسال لخروج القافلة ونحوه فدخل للزيارة وهو جنب ، فإنه في الحقيقة تعظيم وليس من الهتك في شيء.
ومنها : الأخبار الناهية عن دخول الجنب بيوت الأنبياء ، منها : ما عن جابر الجعفي عن علي بن الحسين عليهالسلام أنه « قال : أقبل أعرابي إلى المدينة فلما قرب المدينة خضخض ودخل على الحسين عليهالسلام وهو جنب ، فقال له : يا أعرابي أما تستحيي الله تدخل على إمامك وأنت جنب ، ثمّ قال : أنتم معاشر العرب إذا خلوتم خضخضتم ... » الحديث (٢) وغيره من الروايات الضعاف والمرسلة (٣). والعمدة فيها روايتان :
إحداهما : صحيحة محمّد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات عن أبي طالب يعني عبد الله بن الصلت عن بكر بن محمّد ، قال : « خرجنا من المدينة نريد منزل أبي عبد الله عليهالسلام فلحقنا أبو بصير خارجاً من زقاق وهو جنب ونحن لا نعلم حتى دخلنا على أبي عبد الله عليهالسلام قال : فرفع رأسه إلى أبي بصير فقال : يا أبا محمّد أما تعلم أنه لا ينبغي لجنب أن يدخل بيوت الأنبياء؟ قال : فرجع أبو بصير ودخلنا » (٤).
الثانية : هي هذه الرواية التي رواها الحميري في قرب الإسناد عن أحمد بن
__________________
(١) هذا مضمون ما في سورة الحج ٢٢ : ٣٢.
(٢) الوسائل ٢ : ١٩٣ / أبواب الجنابة ب ٧ ح ٢٤ ، ٢١٢ / أبواب الجنابة ب ١٦ ح ٤.
(٣) الوسائل ٢ : ٢١١ / أبواب الجنابة ب ١٦ ، فان جميعها مذكورة فيها.
(٤) الوسائل ٢ : ٢١١ / أبواب الجنابة ب ١٦ ح ١. بصائر الدرجات : ٢٦١.