والتوبة خير من العبادة الموجبة للعجب ، لأن العجب يذهب بآثار العبادة ، بل قد يبلغ الإنسان مرتبة يمقتها الربّ الجليل لمنَّته على الله سبحانه وتحقيره ، وأما الذنب المتعقب بالندامة فهو يتبدل إلى الحسنة ، لأن التائب عن ذنب كمن لا ذنب له ، وقد عرفت أن الآية المباركة واردة في حق التائبين ، وأما أن العبادة مع العجب باطلة فهو مما لا يستفاد منها بوجه.
ومنها : ما عن أبي عامر عن رجل عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « من دخله العجب هلك » (١). وهي مضافاً إلى إرسالها لا تدل على بطلان العبادة بالعجب ، وكونه موجباً للهلاك من جهة أنه قد يستلزم الكفر وتحقير الله سبحانه والمنّة عليه وغير ذلك من المهالك.
ومنها : ما عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « أتى عالم عابداً فقال له : كيف صلاتك؟ فقال : مثلي يسأل عن صلاته وأنا أعبد الله منذ كذا وكذا؟ قال : فكيف بكاؤك؟ فقال : أبكي حتى تجري دموعي ، فقال له العالم : فإن ضحكك وأنت خائف أفضل من بكائك وأنت مُدِلّ ، إن المدِلّ لا يصعد من عمله شيء » (٢).
وهي ضعيفة سنداً بوجهين : من جهة محمّد بن سنان لعدم ثبوت وثاقته ، ومن جهة نظر بن قرواش لأنه مجهول. وكذلك دلالة لأن عدم صعود العمل أعم من البطلان ، وإلاّ للزم الحكم ببطلان عبادة عاق الوالدين وآكل الرِّبا ونحوهما ممّا ورد أن العمل معه لا يصعد.
ومنها : ما عن أحمد بن أبي داود عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليهماالسلام قال : « دخل رجلان المسجد أحدهما عابد والآخر فاسق ، فخرجا من المسجد والفاسق صدّيق والعابد فاسق ، وذلك أنه يدخل العابد المسجد مُدِلاًّ بعبادته ، يُدِلّ بها
__________________
(١) الوسائل ١ : ١٠١ / أبواب مقدّمة العبادات ب ٢٣ ح ٨.
(٢) الوسائل ١ : ١٠١ / أبواب مقدّمة العبادات ب ٢٣ ح ٩.