ومنها : ما رواه الصدوق في المقنع عن حماد بن عثمان « أنه سأل أبا عبد الله عليهالسلام عن رجل أجنب في شهر رمضان من أوّل الليل وأخر الغسل حتى يطلع الفجر ، فقال : كان ( قد كان ، نسخة ) رسول الله صلىاللهعليهوآله يجامع نساءه من أوّل اللّيل ثمّ يؤخِّر الغسل حتى يطلع الفجر ، ولا أقول كما يقول هؤلاء الأقشاب يقضي يوماً مكانه » (١).
وهذه هي التي قد أسند الأصحاب قدسسرهم لأجل إيرادها إلى الصدوق القول بعدم اعتبار الطّهارة من الجنابة في صحّة الصوم ، حيث إن ظاهرها أن من تعمد البقاء على الجنابة إلى طلوع الفجر لا يبطل صومه ، وذلك لأن قوله : « أخّر الغسل حتى يطلع ... » ظاهره أنّه يتعمد في التأخير إلى أن يطلع الفجر لا أنّه بقي كذلك إلى الطلوع من باب الصدفة والاتفاق ، وقد حكي أن النبي صلىاللهعليهوآله كان يجنب في أوّل الليل ويؤخر غسله إلى طلوع الفجر ، فلا يجب معه القضاء ولا يكون صومه باطلا.
ولكن الصحيح أنها لا دلالة لها على المدعى ، وذلك للقطع بأن النبي صلىاللهعليهوآله كان يصلّي صلاة الليل دائماً ، لوجوبها في حقّه وأنه من خصائصه صلىاللهعليهوآله وهي مشروطة بالطّهارة لا محالة ولا يمكنه والحال هذه أن يبقى جنباً إلى طلوع الفجر. على أن ظاهر الرواية أن النبي صلىاللهعليهوآله كانت عادته ذلك حيث عبّر فيها بأنّه كان النبي يجامع ... لا أنّ ذلك اتفق في حقه صدفة ، ومن المقطوع به عندنا خلاف ذلك ، لأنّ البقاء على الجنابة إلى طلوع الفجر في شهر رمضان لو لم يكن محرماً مبطلاً للصوم فلا أقل أنه مكروه ، وكيف يصدر المكروه من النبي صلىاللهعليهوآله طيلة حياته.
وثالثاً : أن الرواية تضمنت أن القول بحرمة ذلك ووجوب القضاء به من قول الأقشاب ، وليت شعري من المراد بالأقشاب؟! فهل هم الأئمة الباقون العياذ بالله ـ
__________________
(١) الوسائل ١٠ : ٥٧ / أبواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الإمساك ب ١٣ ح ٣ ، المقنع : ١٨٩.