حالة العجب والسرور فهو من جهة أنه بالتندم تتبدل السيّئة حسنة ، حيث وردت الآية المباركة ﴿ فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ ﴾ (١) في حق التائبين من الذنوب ، وهذا بخلاف العجب بالعبادة لأنه يذهب بثوابها كما مرّ غير مرّة.
ومنها : ما عن علي بن سويد عن أبي الحسن عليهالسلام قال : « سألته عن العجب الذي يفسد العمل ، فقال : العجب درجات منها أن يزين للعبد سوء عمله فيراه حسناً كما يتفق ذلك لكثير فيفتخر العامل بعمله القبيح ، وأني شربت الخمر أو ضربت فلاناً أو سببته أو أهنته ، حيث يرى عمله القبيح حسناً ويفتخر به فيعجبه ويحسب أنه يحسن صنعاً ، ومنها أن يؤمن العبد بربّه فيمن على الله عزّ وجلّ ولله عليه فيه المن » (٢) حيث دلّت على أن فساد العمل بالعجب كان مفروغاً عنه عنده ، وقد سأله عن أنه أي شيء. وفي سندها علي بن سويد ، وقد يتوهم أنه مردد بين الموثق وغيره فلا يمكن الاعتماد على روايته ، والصحيح أنه هو علي بن سويد السائي الذي هو من أصحاب الرضا عليهالسلام ويروي عنه أحمد بن عمر الحلال وهو ثقة وقد نقل في جامع الرواة أيضاً هذه الرواية عنه (٣) ، ولكن دلالتها قاصرة ، لأن إفساد العبادة بالعجب وكونه مبطلاً لها إن لوحظ بالإضافة إلى نفس ذلك العمل السوء الذي يحسبه حسناً ، ففيه أن المفروض فساد العمل بنفسه ولا معنى لفساده بالعجب المقارن له ، وإن لوحظ بالإضافة إلى الأعمال المتقدِّمة فقد عرفت أن مجرد العجب المتأخر لا يوجب انقلاب الأعمال المتقدمة عما وقعت عليه من الصحّة والتمام ، كما أن العجب في إيمانه لا معنى لكونه مبطلاً للإيمان ، حيث إن الإيمان غير قابل للاتصاف بالصحّة والفساد ، فلا بدّ من توجيه الرواية بأن للعجب درجات ، والدرجة الكاملة منه وهي التي توجب حسبان العمل السوء حسناً أو ما يقتضي الامتنان على الله تعالى مع أنه له سبحانه المنّة عليه ، كما ورد في الآية المباركة ﴿ قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ
__________________
(١) الفرقان ٢٥ : ٧٠.
(٢) الوسائل ١ : ١٠٠ / أبواب مقدّمة العبادات ب ٢٣ ح ٥.
(٣) جامع الرّواة ١ : ٥٨٥.