كلامٍ واحد بين قولنا : فيه الزكاة ، و : ليس فيه الزكاة ، أو بين قولنا : عفا عن الزكاة ، و : أنّه فيه الزكاة ، لكان الصدر منافياً ومضادّاً للذيل بحسب الفهم العرفي بالضرورة.

ومن هنا أنكر الاستحباب في الحدائق وأصرّ على الجمع بالحمل على التقيّة (١).

والإنصاف أنّ ما ذكره قدس‌سره وجيهٌ كما ذكرناه ، غير أنّ هناك رواية واحدة من أجلها تحكم بالاستحباب ، وهي صحيحة عليّ بن مهزيار ، قال : قرأت في كتاب عبد الله بن محمّد إلى أبي الحسن عليه‌السلام : جعلت فداك ، روي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه «قال : وضع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الزكاة على تسعة أشياء : الحنطة والشعير والتمر والزبيب ، والذهب والفضّة ، والغنم والبقر والإبل ، وعفا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عمّا سوى ذلك» فقال له القائل : عندنا شي‌ءٌ كثير يكون أضعاف ذلك «فقال : وما هو؟» فقال له : الأرز «فقال له أبو عبد الله عليه‌السلام : أقول لك : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وضع الزكاة على تسعة أشياء وعفا عمّا سوى ذلك ، وتقول : عندنا أُرز وعندنا ذرة ، وقد كانت الذرة على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله؟!» فوقّع عليه‌السلام : «كذلك هو ، والزكاة على كلّ ما كيل بالصاع» وكتب عبد الله : وروى غير هذا الرجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام : انّه سأله عن الحبوب «فقال : وما هي؟» فقال : السمسم والأرز والدخن وكلّ هذا غلّة كالحنطة والشعير «فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : في الحبوب كلّها زكاة» وروى أيضاً عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه «قال : كلّ ما دخل القفيز فهو يجري مجرى الحنطة والشعير والتمر والزبيب» قال : فأخبرني جعلت فداك ، هل على هذا الأرز وما أشبهه من الحبوب الحمّص والعدس زكاة؟ فوقّع عليه‌السلام :

__________________

(١) الحدائق ١٢ : ١٠٨.

۴۲۲