يكبّر» (١) ، فبعد التعارض والتساقط تبقى الطائفة الأُولى سليمة عمّا يصلح للتقييد.

وهناك تفصيل آخر ربما يظهر من بعض النصوص ، وهو أنّه إن كان من نيّته أن يكبّر صحّت صلاته وإلّا بطلت ، دلّت عليه صحيحة الحلبي «عن رجل نسي أن يكبّر حتّى دخل في الصلاة ، فقال : أليس كان من نيّته أن يكبّر؟ قلت : نعم ، قال : فليمض في صلاته» (٢).

ولكن الصحيحة وإن كانت في بادئ النظر أخصّ مطلقاً من الطائفة الأُولى الدالّة على البطلان ، إلّا أنّه لا يمكن ارتكاب التخصيص في تلك الأخبار بمثل هذه الصحيحة ، لاستلزامه تنزيل تلك الأخبار على الفرد النادر ، بل غير الواقع في الخارج ، ضرورة أنّ كلّ من يتصدّى للصلاة فهو من نيّته أن يكبّر ، وإن كان قد يذهل عنه أحياناً.

ففرض الدخول في الصلاة المؤلّفة ممّا يشتمل على التكبير من دون أن يكون من نيّته ذلك إمّا غير واقع خارجاً أو نادر التحقّق جدّاً ، فكيف يمكن حمل تلك الأخبار عليه. على أنّ هذا المعنى مشروب في مفهوم النسيان الذي فرضه السائل ، فإنّ الناسي هو الذي من نيّته أن يفعل فينسى كما لا يخفى.

وعليه فهذه الصحيحة لدى التدبّر معارضة مع تلك النصوص الدالّة على البطلان بالتباين ، فلا بدّ من الترجيح ، ولا شكّ أنّ تلك النصوص أرجح ، فإنّها أكثر وأشهر ، وهذه رواية شاذّة لم يعهد القول بها من أحد ، بل الإجماع قائم على البطلان كما تقدّم. على أنّ الصحيحة مطابقة لفتوى بعض العامّة ، حيث حكي عنهم الاكتفاء في الصحّة بمجرّد النيّة (٣) ، فهي محمولة على التقيّة.

__________________

(١) الوسائل ٦ : ١٦ / أبواب تكبيرة الإحرام ب ٣ ح ١.

(٢) الوسائل ٦ : ١٥ / أبواب تكبيرة الإحرام ب ٢ ح ٩.

(٣) حلية العلماء ٢ : ٨٩ ، المجموع ٣ : ٢٩٠ [حكي ذلك عن الزهري وغيره].

۴۲۲