السهو كي يخدش في صحّة الحديث بمنافاته مع ما استقرّت عليه أُصول المذهب من تنزّه المعصوم عليه‌السلام من السهو ، بل بمعنى سماع الفتوى منه وأنّه سمعه يقول في حكم المسألة كذا ، بشهادة صدر الحديث ، حيث قال : تقول في سجدتي السهو كذا ، وهذا استعمال دارج في لسان الأخبار وغيرها ، حيث يعبّر عند حكاية رأي أحد بالسماع عنه أنّه يقول كذا ، نظير ما ورد من أنّه سمعته يقول : في القتل مائة من الإبل ، كما مثّل به صاحب الوسائل (١). فهو من باب حكاية القول ، لا حكاية الفعل كما لا يخفى.

وعلى الجملة : فقد تضمّنت الصحيحة حكاية صيغتين للذكر. وعرفت أيضاً أنّ صورة الصيغة الأُولى مختلفة في كتب الحديث ، فرواها الكافي بصورة : «اللهمّ صلّ ...» إلخ ، والفقيه والتهذيب بصورة «وصلّى الله ...» إلخ.

ومن المعلوم عدم احتمال تعدّد الرواية بتعدّد الواقعة ، بأن سمعه عن الإمام عليه‌السلام تارة بهذه الصورة وأُخرى بتلك ، فرواها مرّتين وصلت إحداهما بطريق إلى الكليني والأُخرى بنفس الطريق إلى الصدوق ، فانّ هذا غير محتمل لبعد تعدّد الواقعة في صيغة واحدة ، كبعد تفرّد كلّ منهما برواية لا يرويها الآخر في موضوع واحد مع اتّحاد الطريق والراوي والمروي عنه كما لا يخفى.

وعليه فالصادر عن المعصوم عليه‌السلام بحسب الواقع إنّما هو إحدى صورتي الصيغة الأُولى ، وحيث لا يمكن تمييز الواقع وتشخيصه عن غيره ، لأنّ كلا من الكليني والصدوق معروف بدقّة الضبط والإتقان في النقل ، فهو من باب اشتباه الحجّة باللّاحجّة ، لا من باب تعارض الحجّتين ليجري عليه حكم تعارض الأخبار ، لاختصاصه بصورة تعدّد الرواية ، وقد عرفت اتّحادها في المقام وأنّ التعدّد إنّما نشأ من اختلاف النسخ.

__________________

(١) الوسائل ٨ : ٢٣٤ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢٠ ذيل ح ١.

۴۲۲