ويكشف عمّا ذكرناه من الاجتهاد أنّه قدس‌سره عطف على الثلاثة المذكورين قوله : وأضرابهم ، فإلى من يشير بالإضراب غير أصحاب الإجماع؟ ولم يدّع أحد تلك الدعوى في حقّ غير هؤلاء الثلاثة ، والشيخ بنفسه أيضاً لم يدّع ذلك.

وممّا يدلّ على أنّه اجتهاد رجوعه عنه بنفسه ، حيث إنّه ناقش في رواية ابن أبي عمير في بعض الموارد (١) بقوله في كلا الكتابين : فأوّل ما فيه أنّه مرسل ، وما هذا سبيله لا يعارض به الأخبار المسندة. وكذا في رواية عبد الله بن المغيرة (٢) وغيره من أصحاب الإجماع. فلو تمّت تلك الدعوى وكانت من المتسالم عليها فكيف التوفيق بينها وبين هذه المناقشة.

ويزيدك وضوحاً في بطلان الدعوى من أصلها أنّ ابن أبي عمير روى عن عدّة أشخاص ضعّفهم الشيخ بنفسه وكذا النجاشي كعلي بن أبي حمزة البطائني والحسين بن أحمد المنقري وعلي بن حديد ويونس بن ظبيان ، وهكذا في صفوان وابن أبي نصر. وليت شعري مع تصريح الشيخ بضعف هؤلاء كيف يدّعي أنّهم لا يروون ولا يرسلون إلّا عن ثقة. فإذا ثبتت رواية ابن أبي عمير وغيره عن الضعيف ولو في مورد واحد أمّا عن المجهول فكثير جدّاً فمن الجائز عند روايته عن رجل مرسلاً أن يكون المراد به هو ذاك الضعيف ، ولا دافع لهذا الاحتمال ، فتكون الرواية من قبيل الشبهة المصداقية.

وبعين هذه المناقشة ناقش المحقّق في المعتبر في آداب الوضوء بالنسبة إلى مراسيل ابن أبي عمير (٣) ، ونعم ما تفطّن له.

__________________

(١) منها ما في التهذيب ٨ : ٢٥٧ ذيل ح ٩٣٢ والاستبصار ٤ : ٢٧ ذيل ح ٨٧.

(٢) التهذيب ١ : ٤١٥ ذيل ح ١٣٠٩ ، الاستبصار ١ : ٧ ذيل ح ٦.

(٣) المعتبر ١ : ١٦٥.

۴۲۲