الثالث : الشكّ بين الواحدة والأزيد (١).


وأمّا إذا لم نبن على ذلك كما هو الصحيح ، إذ لم تثبت لدينا تلك النسبة بمثابة تسقط رواياته عن درجة الاعتبار ، لعدم كون اشتباهاته بالإضافة إلى غيره بتلك المثابة من الكثرة ، فحينئذ نقول : إنّ الموثّقتين في نفسهما مقطوعتا البطلان إذ لم يفتِ بمضمونهما أحد ، لا من الخاصّة فإنّهم يحكمون بالبطلان ، ولا من العامّة حيث إنّهم يبنون على الأقل كما مرّ ، فهما مخالفان لفتوى جميع علماء الإسلام ، فتكونان من الروايات المجملة التي أُمرنا بردّ علمها إلى أهلها ، وهم أعرف بما قالوا.

كما يؤيّده قوله عليه‌السلام في ذيل كلتا الموثّقتين : «هذا والله ممّا لا يقضى أبداً» ، فإنّا لم نفهم المراد من هذه العبارة ، ولعلّه أشار عليه‌السلام إلى أنّ هذا الحكم ممّا لا يفتي به أحد لا من الخاصّة ولا من العامّة كما مرّ. وكيف ما كان فهما في نفسهما ساقطتان ومقطوعتا البطلان ، فلا تصلحان لمعارضة ما سبق.

ومع الغض عن ذلك وتسليم استقرار المعارضة فلا شكّ أنّ تلك النصوص أرجح ، فأنّها أكثر وأشهر وأوضح ، بل نقطع بصدور بعضها عن المعصوم عليه‌السلام ولو إجمالاً ، فتكون من السنّة القطعية ، فلا تنهضان لمقاومتها.

ومع الغضّ عن ذلك أيضاً فغايته التساقط بعد التعارض ، فيرجع حينئذ إلى إطلاق صحيحة صفوان المتقدّمة (١) المقتضية للبطلان ، التي عرفت أنّها المرجع في باب الشكّ في الركعات ، وبها نخرج عن مقتضى الاستصحاب.

(١) ينحلّ هذا إلى فرعين : أحدهما : الشكّ بين الواحدة والثنتين. الثاني : الشكّ بين الواحدة والأكثر كالثنتين والثلاث ، أو بين الواحدة والثلاث ونحو

__________________

(١) في ص ١٥١.

۴۲۲