لم يكن الداعي عليه الأمر الوجوبي ، فلو أراد قصد الوجوب والندب لا بدّ أن يقصد الوجوب الوصفي والندب الغائي بأن يقول : أتوضأ الوضوء الواجب امتثالاً للأمر به لقراءة القرآن (١) ، هذا ولكن الأقوى أن هذا الوضوء متصف بالوجوب والاستحباب معاً ولا مانع من اجتماعهما (٢).
(١) ولا يتمكن من أن يقصد الاستحباب الوصفي ، لعدم كون الوضوء مستحباً حيث فرضنا أن مقدّمة الواجب واجبة.
(٢) ما أفاده في هذه المسألة من أوّلها إلى آخرها يبتني على أُمور :
الأوّل : أن نقول بوجوب مقدّمة الواجب ، إذ لو أنكرنا وجوبها فالوضوء مستحب لا وجوب فيه حتى يأتي به بوصف كونه واجباً ويجتمع مع الاستحباب أو لا يجتمع.
الثاني : أن نعمم وجوب المقدّمة إلى مطلقها ولا نخصصها بالموصلة أو بما قصد منه التوصل به إلى الواجب ، وإلاّ لم يكن الوضوء واجباً في مفروض الكلام لعدم كونه موصلاً إلى الواجب ، لأنه يأتي بعده بغاية مندوبة على الفرض ولا يأتي بغاية واجبة كما أنه قصد به التوصل إلى الغاية المندوبة لا إلى الواجبة.
الثالث : أن يكون المقام من صغريات كبرى جواز اجتماع الأمر والنهي ، لأن الماتن قدسسره إنما نفى المانع من اجتماع الوجوب والاستحباب في المسألة بحسبان أنها من تلك الكبرى التي ألف فيها رسالة مستقلّة وهي مطبوعة وبنى على جواز اجتماعهما ، حيث إن الأصحاب ( قدس الله أسرارهم ) وإن عنونوها بعنوان اجتماع الأمر والنهي إلاّ أن المصرح به في محله عدم خصوصية للوجوب والحرمة في ذلك ، بل المبحوث عنه هناك هو جواز اجتماع كل حكمين متنافيين في شيء واحد بعنوانين كالكراهة والوجوب ، أو الاستحباب والكراهة وهكذا (١) ، وإنما عنونوها بذلك العنوان
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٤ : ٣٠٦.