أجزائه وبالاستحباب بالنسبة إلى ما كان قبل الوقت ، فلو أراد نيّة الوجوب والندب نوى الأوّل بعد الوقت والثاني قبله.
بالاستئناف ، نظراً إلى أن ما قصده المكلّف قبل دخول الوقت من الاستحباب لا واقع له ، لعدم تمكنه في الواقع من إتيان العمل المستحب وإنهائه لفرض دخول الوقت في أثنائه وتبدّل استحبابه بالوجوب. ولا يتمكّن من قصد الوجوب إذ لا وجوب قبل دخول الوقت فلا محالة يبطل وضوءه ويجب استئنافه (١) هذا.
ولكن الصحيح وفاقاً للماتن صحّة هذا الوضوء وعدم وجوب الاستئناف فيه. والوجه في حكمنا بصحّته أنه لا يتوجه إشكال في صحّة الوضوء على جميع المحتملات في المسألة ، حيث إن فيها احتمالات : لأنا إن قلنا بعدم اتصاف المقدّمة بالوجوب الغيري أصلاً كما بنينا عليه وقلنا إنه الصحيح (٢) فلا إشكال في المسألة ، لأن الوضوء حينئذ باق على استحبابه بعد الوقت أيضاً ولم يتبدل ولم ينقلب إلى الوجوب فهو متمكن من إتيان العمل المستحب من أوّله إلى آخره.
وأمّا إذا قلنا بوجوب المقدّمة وخصصنا وجوبها بالمقدّمة الموصلة كما هو المختار على تقدير القول بالوجوب الغيري في المقدّمة فكذلك لا إشكال في المسألة فيما إذا لم يوصله هذا الوضوء إلى الفريضة ، كما إذا قرأ القرآن بعد ذلك ثمّ أحدث ثمّ توضأ للفريضة. وكذلك الحال فيما إذا خصصنا وجوبها بما إذا قصد به التوصل إلى ذيها كما ذهب إليه شيخنا الأنصاري قدسسره (٣) إذا لم يقصد المكلّف من وضوئه هذا التوصّل إلى الفريضة ، فإن الوضوء حينئذ باق على استحبابه بعد الوقت ولم يتبدل إلى الوجوب ، فالمكلف يتمكن من إتيان العمل المستحب الذي قصده قبل دخول الوقت من مبدئه إلى منتهاه.
__________________
(١) النهاية ١ : ٣٣.
(٢) محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ٤٣٨.
(٣) مطارح الأنظار : ٧٢ / ٨.