كنس عالماً فإنّه لا يستحق لكونه حراماً (*) ولا يجوز أخذ الأُجرة على العمل المحرّم ، وكذا الكلام في الحائض والنفساء. ولو كان الأجير جاهلاً أو كلاهما جاهلين في الصورة الأُولى أيضاً يستحق الأُجرة ، لأن متعلق الإجارة وهو الكنس لا يكون حراماً ، وإنّما الحرام الدخول والمكث ، فلا يكون من باب أخذ الأُجرة على المحرّم ، نعم لو استأجره على الدّخول أو المكث كانت الإجارة فاسدة ولا يستحق الأُجرة ولو كانا جاهلين (**) ، لأنّهما محرّمان ولا يستحق الأُجرة على الحرام. ومن ذلك ظهر أنّه لو استأجر الجنب أو الحائض أو النفساء للطواف المستحب كانت الإجارة فاسدة ولو مع الجهل ، وكذا لو استأجره لقراءة العزائم فإنّ المتعلق فيهما هو نفس الفعل المحرّم ، بخلاف الإجارة للكنس فإنّه ليس حراماً وإنّما المحرّم شيء آخر وهو الدخول والمكث ، فليس نفس المتعلق حراما.
تمكنه من تسليم العمل إلى المستأجر. وبما أن المكلّف متمكن من تسليم العمل لجهله بجنابته وذكرنا أن الحرمة بما هي غير منافية لأخذ الأُجرة فلا مانع من الحكم بصحّة الإجارة واستحقاق الأُجرة المسماة حينئذ.
نعم المستأجر العالم بجنابة الأجير لا يمكنه أن يستأجره وإن كان الأجير جاهلاً بجنابته ، وذلك لما مرّ من أن الحرمة المطلقة تقتضي بإطلاقها عدم الفرق بين إصدار العمل بالمباشرة وبين إصداره بالتسبيب لحرمته على الجميع ، إلاّ أن حرمة ذلك غير مستلزمة لبطلان الإجارة وعدم استحقاق الأجير الجاهل بجنابته الأُجرة المسمّاة.
__________________
(*) الظاهر استحقاقه الأُجرة ، فإنّ الكنس بما هو ليس بحرام وإنما الحرام مقدّمته.
(**) لا تبعد الصحّة واستحقاق الأُجرة مع جهل الأجير ، فإنّ الحرمة إذا لم تكن منجزة لا تنافي اعتبار الملكيّة ، والمفروض تحقق القدرة على التسليم من جهة الإباحة الظاهرية ، نعم لا يجوز الاستئجار تكليفاً للمستأجر العالم بالحال لأنه تسبيب إلى الحرام الواقعي ، ومن ذلك يظهر الحال في الاستئجار للطواف المستحب أو لقراءة العزائم.