وأمّا المرور فيها بأن يدخل من باب ويخرج من آخر فلا بأس به (١)
تَغْتَسِلُوا ﴾ ومعه تكون النسبة بين أدلّة حرمة المكث والدخول وبين هذه الصحيحة هي التباين ، حيث إنها دلّت على حرمة مكث الجنب ودخوله المسجد إلاّ أن يغتسل والصحيحة تدلّ على حرمة دخوله ومكثه فيه إلاّ أن يتوضأ وهما متباينان ، كما عن المحقِّق الهمداني قدسسره (١). مندفعة بأن الاغتسال ليس قيداً وغاية للحكم بحرمة المكث أو الدخول ، بل هو رافع لموضوع الجنابة ، فكأن الآية اشتملت على أن دخول الجنب ومكثه حرام في المسجد إلاّ أن يخرج عن الجنابة بالاغتسال ، فالحرمة فيها مطلقة ، ولا تعارض بينها وبين هذه الصحيحة النافية للحرمة على تقدير التوضؤ فلا تعارض بينهما.
وعن المحدّث الكاشاني حمل التوضؤ على معناه اللغوي وهو الاغتسال (٢). وفيه : أنه بعيد غايته ، فان ظاهر الصحيحة جواز النوم وهو جنب كجواز المرور في حالة الجنابة لا جوازه مع انتفاء الجنابة بالاغتسال ، وعليه فمقتضى القاعدة ما ذكرناه ، وإنما يمنعنا عن ذلك أن الصحيحة متروكة العمل عند الأصحاب على ما صرح به المحقق في معتبرة (٣) ، ولا عامل بها ولو واحداً من الأصحاب حتى الصدوق لعدم تقييده الحكم بالتوضؤ فلا تعارض بها الأخبار الدالّة على الحرمة ، بل نحملها على التقيّة لموافقتها مذهب الحنابلة وإسحاق حيث ذهبوا إلى جواز النوم في المسجد جنباً إذا توضأ كما في هامش الحدائق (٤) ، هذا كله في حرمة المكث في المساجد جنباً. بقي الكلام في جواز اجتيازه من المسجد فقد أشار إليه بقوله : وأما المرور إلخ.
مرور الجنب في المساجد
(١) قد استثني من حرمة دخول الجنب المسجد في صحيحة زرارة ومحمّد بن
__________________
(١) مصباح الفقيه ( الطّهارة ) : ٢٣٣ / السطر ١.
(٢) الوافي ٦ : ٤٢٢.
(٣) المعتبر ١ : ١٨٩.
(٤) الحدائق ٣ : ٥١.