ويدخلان المسجد مجتازين ، ولا يقعدان فيه ، ولا يقربان المسجدين الحرمين » (١) وغيرهما من الأخبار (٢) وهذا لعله مما لا إشكال فيه.
وإنما الكلام فيما إذا احتلم المكلّف في أحد المسجدين ، فقد ورد في صحيحة أبي حمزة قال « قال أبو جعفر عليهالسلام : إذا كان الرجل نائماً في المسجد الحرام أو مسجد الرسول صلىاللهعليهوآله فاحتلم فأصابته جنابة فليتيمم ولا يمرّ في المسجد إلاّ متيمماً ، ولا بأس أن يمرّ في سائر المساجد ، ولا يجلس في شيء من المساجد » (٣) وذلك لحرمة المرور عليه في المسجدين كحرمة بقائه فيهما جنباً ، فهو جنب فاقد للماء فلا بدّ أن يتيمم خروجاً عن عهدة النهي عن مروره وبقائه فيهما جنباً ، ومن هنا يظهر أن الصحيحة ناظرة إلى ما هو المتعارف العادي من كون زمان الخروج عن المسجد أو الاغتسال فيه أكثر زماناً من التيمم فيه ، وإلاّ فلو فرضنا أن التيمم أكثر زماناً من الخروج لأنه مثلاً كان خلف باب المسجدين ولا يحتاج خروجه عنهما إلاّ إلى خطوة واحدة أو أمكنه الاغتسال في المسجد في زمان أقل من زمان التيمم لأن مقدّماته تحتاج إلى زمان ، فلا نظر للصحيحة إليه ، ولا مناص حينئذ من خروجه أو اغتساله فيهما إذا لم يستلزم تنجيسهما أو هتكهما أو غيرهما من المحاذير. وعليه فلا نقتصر على مورد الصحيحة ، بل لو فرضنا أنه أُجبر على الدخول فيهما جنباً أيضاً يجب عليه التيمم إذا كان زمانه أقصر من زمان الخروج أو الاغتسال. هذا كلّه بالإضافة إلى حرمة الدخول في المسجدين ولو اجتيازاً ومشياً ، وأمّا حرمة المكث فيهما جنباً فهما مشتركان في ذلك مع المساجد الأُخر ، ويأتي الاستدلال على حرمته فيها في المسألة الآتية إن شاء الله.
__________________
(١) الوسائل ٢ : ٢٠٩ / أبواب الجنابة ب ١٥ ح ١٧.
(٢) الوسائل ٢ : ٢٠٥ / أبواب الجنابة ب ١٥ ح ٣ ، ٤ ، ٥.
(٣) الوسائل ٢ : ٢٠٦ / أبواب الجنابة ب ١٥ ح ٦.