وفيه : أن الصحيحة لو لم تؤيد الموثقة لم تكن منافية لها ، وذلك لأن في الصحيحة جهتين :
إحداهما : أنه يجمع بين الصلاتين بوضوء واحد. وهذه الجملة مؤيدة للموثقة حيث دلّت على أن البول الخارج في زمان الصلاتين ليس بحدث وإلاّ لأوجب عليه الوضوء في أثنائهما.
وثانيتهما : أن المسلوس لا يتمكن من الشروع في صلاة أُخرى غيرهما إلاّ أن الصحيحة غير مشتملة على أن ذلك من جهة ناقضية بوله لوضوئه ، بل لعله من جهة نجاسة محل بوله ، حيث إنه يخرج من المسلوس ويوجب نجاسته وإنما عفي عنها في الصلاتين ، وأما في الزائد عليهما فهي باقية على مانعيتها في الصلاة. ويؤيده أن السؤال كلّه متوجه إلى الصلاة في الصحيحة ولم يسأل فيها عن الوضوء ، وعليه فالمسلوس لا يبطل وضوءه ببوله ، نعم ليس له الدخول في غير الصلاتين من النوافل أو غيرها إلاّ بعد غسل الموضع وتطهيره. هذا كله في المسلوس.
وأما المبطون فالظاهر أن حكمه حكم المسلوس ، وذلك لأن موثقة سماعة وإن كانت واردة في سلس البول إلاّ أن قوله عليهالسلام في ذيلها : « فإنما ذلك بلاء ابتلي به فلا يعيدن إلاّ من الحدث الذي يتوضأ منه » أي من الأحداث المتعارفة التي يتعارف الوضوء منها كالبول الاختياري أو غيره من الأحداث المعتادة ، ظاهر في التعليل ، والعلّة تعمم الحكم إلى غير مورد الرواية أيضاً ، لأنها تدلّ على أن كل حدث غير اختياري الذي هو بلاء من قبل الله سبحانه لا يعاد منه الوضوء وإنما يعاد من الحدث الاختياري المتعارف ، وهو كما يشمل السلس يشمل البطن.
ومن هنا ألحق الفقهاء بهما صاحب الريح الغالبة مع عدم ورود رواية فيه فانّ العلّة ظاهرة في التعميم ، وإن أمكن أن يكون لهم وجه آخر زائد على ذلك أيضاً. فالصحيح أن المسلوس والمبطون لا يجب عليهما الوضوء في أثناء صلاتهما بل يتوضآن مرّة واحدة للصلاتين بل لجميع الصلوات ، ويتمكّنان من الدخول في صلاة أُخرى غير الصلاتين اللّتين جمع بينهما ، نعم لا بدّ من تطهير الموضع من النجاسة لأنها إنما عفيت بقدر الصلاتين لا أزيد.