وأنه إذا خرج شيء منه في أثناء صلاته توضأ بلا مهلة فيما إذا لم يستلزم الفعل الكثير الماحي لصورة الصلاة ولا شيئاً من منافياتها وقواطعها كالاستدبار مثلاً ، على القاعدة أعني التحفظ على إطلاقات أدلّة اشتراط الصلاة بالطهور ، حيث إنها على قسمين :
قسم دلّ على أنه لا صلاة إلاّ بطهور (١). وهذا القسم إنما يستفاد منه اعتبار الطّهارة فيما هو صلاة ، فلا دلالة على اعتبار الطّهارة في الأكوان المتخلِّلة بين أجزاء الصلاة لأنها ليست بصلاة وإن كان المكلّف في الصلاة ما دام لم يسلم ، فله أن يحدث متعمداً فضلاً عمّا إذا لم يكن متعمداً في الأكوان المتخللات.
وقسم دلّ على اعتبار الطّهارة حتى في الأكوان المتخللة وهو أدلّة القواطع من الاستدبار والحدث ونحوهما (٢) فقد دلّت على أن وقوع الحدث في الصّلاة ولو في الأوقات المتخللة موجب لبطلانها وانقطاعها وعدم انضمام ما سبق منها بما لحق. وقد رفعنا اليد في المسلوس والمبطون عن القسم الثاني بمقتضى أخبارهما حيث دلّت على أن الحدث غير قاطع في حقهما ، إذ لو كان قاطعاً في حقهما أيضاً سقطت عنهما الصّلاة لعدم تمكّنهما من الصلاة المأمور بها. وأمّا إطلاق القسم الأوّل وأنه لا صلاة إلاّ بطهور فهو باق بحاله وهو يقتضي تحصيل الطّهارة للأجزاء الصلاتية إذا حدث في أثنائها.
ودعوى أن ذلك ينافي بطلان الصلاة بالفعل الكثير ولا وجه لتقديم أدلّة اشتراط الطّهارة في الصلاة على أدلّة بطلانها بالفعل الكثير ، مندفعة بأن مبطلية الفعل الكثير للصلاة ممّا لم يدل عليه أي دليل لفظي وإنما استفيدت من ارتكاز ذلك في أذهان المتشرِّعة ، والارتكاز إنما هو في الأفعال الأجنبية عن الصلاة ولا ارتكاز في مثل الوضوء لأجل الصلاة ، نعم ورد في بعض الأخبار المانعة عن التكفير في الصلاة أنه عمل ، ولا عمل في الصلاة (٣) إلاّ أن معناه أن التكفير في الصلاة إذا اتى به بما أنه عمل
__________________
(١) الوسائل ١ : ٣١٥ / أبواب أحكام الخلوة ب ٩ ح ١ ، ٣٦٥ / أبواب الوضوء ب ١ ح ١ ، ب ٤ ح ١.
(٢) الوسائل ٧ : ٢٤٤ / أبواب قواطع الصلاة ب ٣ ، ١. وغيرهما من الأبواب المذكورة.
(٣) وهي صحيحة علي بن جعفر : الوسائل ٧ : ٢٦٦ / أبواب قواطع الصلاة ب ١٥ ح ٥.