الإجارة فرع مشروعية العمل في نفسه.
وأمّا إذا قلنا بأنهما رافعان كما بنينا عليه سابقاً (١) فإن توضأ لخصوص أن يأتي به القضاء فقط ، أيضاً يحكم ببطلانه ، وذلك لأن الوضوء مع الجبيرة وظيفة العاجز والأمر بالقضاء موسع فله أن يصبر حتى يبرأ جرحه أو كسره فيصلي مع الوضوء التام ، ومع التمكّن من التام لا يجوز له البدار والإتيان بالوضوء مع الجبيرة كما هو الحال في الأداء ، حيث إنه مع احتماله البرء إلى آخر وقت الفريضة لا يتمكن من البدار كما يأتي تفصيله (٢) ، فإذا لم يشرع في حقّه الوضوء مع الجبيرة لمحض القضاء فلا تصحّ الإجارة عليه أيضاً كما عرفت ، اللهمّ إلاّ أن يعلم بعدم ارتفاع عذره إلى الأبد فحينئذ يصح له إتيان القضاء مع الوضوء جبيرة ، إلاّ أنه خارج عن مفروض المسألة.
وأما إذا توضأ جبيرة لأداء فريضة فيما يصح له إتيانها مع الجبيرة إلاّ أنه بعد ذلك أراد أن يأتي به القضاء من قبل نفسه أو غيره مع الأُجرة أو بدونها كما أتى به الأداء ، فالظاهر أنه لا إشكال في صحّته وصحّة قضائه ، حيث إن القضاء عن نفسه أو عن غيره مأمور به في الشريعة المقدّسة ولا سيما عن الأب والأُم ، ولا صلاة إلاّ بطهور ، والمفروض أن المكلّف متطهر ومن هنا جاز له مس المصحف وغيره مما يشترط فيه الطّهارة كدخول المسجد مع الغسل جبيرة ، ومع الحكم بطهارته يصح منه القضاء كما صحّ منه الأداء. ولا يفرق فيها بين الناقصة والتامّة بعد فرض كونها طهارة مسوغة للغايات المشترطة بها ، فإذا جاز له القضاء في نفسه جازت الإجارة عليه أيضاً كما تقدّم.
إذا طرأ العذر في الأثناء
بقي الكلام في أنه إذا قلنا بعدم جواز الإجارة على القضاء مع الجبيرة وقد آجر نفسه للقضاء وهو سليم مأمور بالوضوء التام ولكن طرأ عليه العذر في أثناء المدّة ووجب عليه الوضوء مع الجبيرة ، فهل يحكم حينئذ بانفساخ العقد لانكشاف أن
__________________
(١) في ص ١٨٧.
(٢) في ص ٢٦٢ ٢٩٤.