بعنوان ثانوي طارئ عليه ، لأن الأصل عدم تبدل تكليفه وعدم طروء العنوان الثانوي عليه ، ففي هذه الموارد يحكم بصحّة المأتي به لقاعدة الفراغ إن كانت جارية وبالاستصحاب إن لم تجر القاعدة ، فلا فائدة في جريان القاعدة وعدمه في هذه الصورة.
وإنما يترتب الأثر لجريانها وعدمه فيما إذا لم يكن هناك هذا الأصل بل كان مقتضاه بطلان المأتي به ، وهذا كما إذا توضأ بغسل الرجلين أو بمسح الحاجب فشك في صحّته وفساده من جهة أنه هل كان هناك مسوغ له من تقيّة أو غيرها أو لا ، لأن الأصل عدم طروء عنوان مسوغ له فهو باطل إلاّ أن تجري فيه القاعدة ويحكم بصحّته. أو أنه تيمم ثمّ شك في صحّته من جهة احتمال عدم كونه مريضاً أو غيره ممّن يضر به الماء ولم يكن تكليفه التيمم ، لأنه مقتضى الأصل وعدم طروء شيء من مسوغات التيمم عليه فهو محكوم بالبطلان إلاّ أن تجري فيه القاعدة. والجامع أن يكون المأتي به غير المأمور به بالعنوان الأوّلي وشك في صحّته من جهة الشك في أنه هل كان هناك مسوغ لعمله ذلك أم لم يكن ، فقد بنى في المتن على جريان القاعدة في هذه الموارد إلاّ أنه احتاط بالإعادة من جهة احتمال عدم جريان القاعدة فيها.
والصحيح عدم جريان القاعدة في شيء من تلك الموارد ، وذلك لأن جملة من روايات القاعدة وإن كانت مطلقة يمكن التمسّك بها في الحكم بصحّة الوضوء وغيره من الموارد المتقدّمة ، كما في قوله : « كل ما مضى من صلاتك وطهورك فذكرته تذكراً فأمضه » (١) وقوله : « كل ما شككت فيه مما قد مضى فأمضه كما هو » (٢) لأن مقتضى إطلاقهما جريان القاعدة في الموارد المتقدّمة للشك فيما مضى من طهوره وصلاته ، إلاّ أن في بينها روايتين لا مناص من تقييد المطلقات بهما ، وهما معتبرة بكير المشتملة على قوله : « هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك » (٣) ورواية اخرى واردة في الصلاة
__________________
(١) تقدّم ذكره في المسألة السابقة.
(٢) تقدّم ذكرها في مسألة ٤٥ ص ١١٥.
(٣) تقدّم ذكرها في مسألة ٤٥ ص ١١٨.