ولا ينافيان الوجوب إذا عرضا حال التعلّق في الغلّات.


وبيان ذلك : أنّه قد يكون شي‌ءٌ شرطاً للتكليف ابتداءً من أجل تقييد الموضوع به ، وأنّ غيره غير مخاطب بالحكم أصلاً ، وهذا كما في البلوغ والعقل ، حيث إنّ الصبي والمجنون قد وُضِع عنهما قلم التكليف من أوّل الأمر بمقتضى حديث الرفع الوارد فيهما ، فلا يشملهما الخطاب من أصله بتاتاً ، وهذا واضح.

وأُخرى : لا يكون كذلك ، وإنّما يثبت فيه التكليف لأجل العجز وعدم القدرة ، كما في النائم ، وكذلك المغمى عليه والسكران ، بل الغافل والناسي ، فكان غافلاً حين تعلّق التكليف وناسياً أنّ له كذا مقداراً من الغلّة أو الذهب أو الفضّة مثلاً ، ففي هذه الموارد لا تكليف قطعاً ، لأنّه مشروطٌ بالقدرة عقلاً ، المفقودة في هذه الفروض.

وحينئذٍ فإن بنينا على ما بنى عليه غير واحد من الأعلام من أنّ القدرة في أمثال المقام شرطٌ للتكليف عقلاً من غير دخل لها في الملاك ، وأنّ ملاك التكليف موجودٌ فعلاً وإن لم يكن التكليف بنفسه متوجّهاً إلى المخاطب ، نظراً إلى أنّ المانع مانعٌ عنه لا عن ملاكه ، فهو ثابتٌ في حقّه ، ولأجله لا يكون التكليف فعليّاً بعد ارتفاعه فعلى هذا المبنى تثبت الزكاة في هذه الموارد بطبيعة الحال.

وعلى هذا المبنى رتّب شيخنا الأُستاذ قدس‌سره عدم جريان الترتّب فيما كانت القدرة شرطاً شرعاً ، لاختصاص جريانه بما كانت شرطاً عقلاً (١) ، نظراً إلى أنّ القدرة على الأوّل حالها حال سائر الشرائط المأخوذة في الموضوع ، التي ينتفي بانتفائها الحكم بملاكه ، كما في موارد الوضوء والغسل ، حيث إنّ تقييد

__________________

(١) أجود التقريرات ٢ : ٧٣ ٧٨.

۴۲۲