وملخّص الكلام : أنّ مقتضى الجمود على ظواهر النصوص إناطة الوجوب بصدق أسماء المذكورات بحيث يطلق عليه عرفاً أنّه حنطة أو شعير أو تمر أو زبيب ، فلا وجوب قبل ذلك. ومعه لا مانع من التصرّف ، لعدم كونه متعلّقاً لحقّ الفقير ، فإن قام دليلٌ على تعلّق الوجوب من ذي قبل يؤخذ به ، وإلّا فلا موجب لرفع اليد عن ظواهر الأدلّة. وقد عرفت عدم ورود دليل على ذلك حتّى رواية ضعيفة.

نعم ، في خصوص الزبيب وردت روايات دلّت على تعلّق الوجوب منذ اتّصافه بكونه عنباً فيما إذا بلغ النصاب حال صيرورته زبيباً ، فيكون الاعتبار في الوجوب بحال العنبيّة ، وفي النصاب بحال الزبيبيّة ، وبذلك يفترق الزبيب عن سائر الغلّات. ولأجله فصّل الماتن بينهما ، حيث جعل المناط في الزبيب بصدق اسم العنب ، وفيما عداه بصدق أسمائها من الحنطة والشعير والتمر.

وهذه الروايات عمدتها ثلاثة وكلّها معتبرة :

إحداها : صحيحة سعد بن سعد ، قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن العنب ، هل عليه زكاة؟ أو إنّما تجب عليه إذا صيّره زبيباً؟ «قال : نعم ، إذا خرصه أخرج زكاته» (١).

فإنّ ظاهرها رجوع قوله «نعم» إلى الصدر الذي هو عقد إيجابي ، دون الذيل الذي هو في حكم العقد السلبي كما لا يخفى ، ومقتضاه تعلّق الزكاة من لدن كونه عنباً الذي هو شي‌ءٌ مؤكل.

الثانية : صحيحة سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام «قال : ليس في النخل صدقة حتّى يبلغ خمسة أوساق ، والعنب مثل ذلك حتّى يكون خمسة

__________________

(١) الوسائل ٩ : ١٩٥ / أبواب زكاة الغلّات ب ١٢ ح ٢.

۴۲۲