وواضحٌ أنّه لا تقييد بلحاظ العقد الأوّل ، لكونهما متوافقين ، بل لو لم يرد مثل هذا الدليل لكانت الإطلاقات وافية لإثبات تعلّق الزكاة بالغلّات ، لكونها ممّا يكال كما هو ظاهر.

وإنّما التقييد بلحاظ العقد السلبي الذي هو مخالف للمطلقات ، أعني قوله : «عفا عمّا سوى ذلك» ، أي ما سوى الحنطة والشعير وغيرهما من التسعة.

وبما أنّ هذا المفهوم أي مفهوم ما سوى الحنطة والشعير مردّدٌ بين ما يشمل السلت والعلس وما لا يشمل ، نظراً للتردّد في مفهوم الحنطة والشعير ، فهو بطبيعة الحال مجملٌ دائرٌ بين الأقلّ والأكثر ، والمخصّص متّصل حسب الفرض وقد تقرّر في الأُصول أنّ المخصّص المتصل المجمل مفهوماً الدائر بين الأقلّ والأكثر يقتصر في التخصيص به على المقدار المتيقّن ، ويرجع فيما عداه إلى عموم العامّ ، لعدم العلم بالخروج عن تحت العموم زائداً على المقدار المعلوم.

وعليه ، فلا مناص من الحكم بوجوب الزكاة في السُّلت والعَلَس ، تمسّكاً بالمطلقات المتقدّمة الناطقة بوجوب الزكاة في كلّ ما يكال ، لعدم العلم بخروجهما عن هذه الإطلاقات زائداً على الأفراد المتيقّنة من الحنطة والشعير.

فتحصّل : أنّا وإن كنّا نصافق الشيخ وجماعة ممّن التزموا بوجوب الزكاة فيهما ، إلّا أنّنا نفارقهم في أنّهم استظهروا شمول لفظي الحنطة والشعير لهما ، ونحن نكتفي بمجرّد الشكّ من غير حاجة إلى الاستظهار المزبور ، الذي هو عريٌّ عن الشاهد حسبما عرفت.

وملخّص الكلام في المقام : أنّه لا ريب ولا خلاف في أنّ السلت والعلس بعنوانهما غير متعلّقين للزكاة ، للاتّفاق على عدم تعلّقها بغير الغلّات الأربع كما مرّ (١).

__________________

(١) في ص ٣٠٧.

۴۲۲