فقد يقال حينئذٍ : أنّهما يتساقطان بعد التعارض ، فيرجع بعد ذلك إلى العامّ الفوق ، وهي النصوص الدالّة على وجوب الزكاة في مطلق الذهب والفضّة لعدم العلم بخروج مثل هذا الفرض عنها من الكتاب والسنّة ، كقوله تعالى ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ إلخ ، وقوله عليه‌السلام : «في عشرين مثقال من الذهب نصف دينار» ، وغير ذلك.

ولكن الظاهر عدم وصول النوبة إلى التعارض ، ولزوم تقديم نصوص الطائفة الثانية ، أعني : نصوص الحلي.

وذلك لما ذكرناه مراراً من أنّه لو كان بين عنوانين عمومٌ من وجه ، وكان تقديم أحدهما مستلزماً للغويّة العنوان في الجانب الآخر دون العكس ، قُدِّم الثاني الذي هو سليم عن هذا المحذور ، وذكرنا لهذه الكبرى موارد :

منها : ما دلّ على عدم انفعال الماء القليل ، فإنّ النسبة بينه وبين أدلّة اعتصام الجاري عمومٌ من وجه ، ويتعارضان في مادّة الاجتماع وهو القليل الجاري الذي له مادّة ولكن المتعيّن تقديم الثاني أعني : أدلّة الاعتصام إذ لا محذور فيه عدا ارتكاب التقييد في أدلّة الانفعال ، فتحمل على القليل غير الجاري ، وهذا بخلاف العكس ، إذ لو قدّمنا أدلّة الانفعال وحملنا دليل الاعتصام على الجاري غير القليل أي الكرّ لم يبق لوصف الجريان مدخل في هذا الحكم ، لأنّ غير الجاري الكرّ أيضاً معتصم.

ومنها : قوله عليه‌السلام : «كلّ طائر يطير بجناحيه فلا بأس ببوله وخرئه» (١) ، فإنّ النسبة بينه وبين ما دلّ على نجاسة بول غير مأكول اللحم مثل قوله عليه‌السلام : «اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه» (٢) ـ

__________________

(١) لاحظ الوسائل ٣ : ٤١٢ / أبواب النجاسات ب ١٠ ح ١.

(٢) الوسائل ٣ : ٤٠٥ / أبواب النجاسات ب ٨ ح ٢.

۴۲۲