إذ لا يحتمل أن تكونا روايتين صدرتا عن المعصوم مرّتين ، وإنّما هي رواية واحدة قد تردّد الصادر عنه عليهالسلام بين إحدى النسختين فلا يمكن الاعتماد عليها.
فلم يبق إلّا الرواية الأُولى أعني : صحيحة الفضلاء وقد عرفت أنّها معارضة مع النصوص السابقة ، ولكن لا ينبغي التأمّل في أنّ الترجيح مع تلك النصوص ، لأنّها معروفة مشهورة ، وهذه رواية شاذّة نادرة لا تكاد تنهض للمقاومة معها فتطرح ويردّ علمها إلى أهله.
ومع التنزّل عن هذا أيضاً ، فتلك الروايات موافقة لعموم الكتاب ، وهذه مخالفة ، فتتقدّم.
وتوضيحه : أنّه قد ورد في تفسير قوله تعالى ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ﴾ (١) أنّ المراد : الامتناع عن أداء الزكاة ، كما رواه ابن الشيخ الطوسي في أماليه بإسناده عن الرضا عليهالسلام عن آبائه عليهمالسلام ، «قال : لمّا نزلت هذه الآية ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ﴾ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : كلّ مالٍ يؤدّى زكاته فليس بكنز وإن كان تحت سبع أرضين ، وكلّ مالٍ لا يؤدّى زكاته فهو كنزٌ وإن كان فوق الأرض» (٢).
ونقل أيضاً في مجمع البيان ما يقرب من ذلك من روايات الخاصّة والعامّة (٣).
وعليه ، فالآية المباركة ناظرة إلى النهي عن الامتناع عن أداء الزكاة ، وإلّا
__________________
(١) التوبة ٩ : ٣٤.
(٢) الوسائل ٩ : ٣٠ / أبواب ما تجب فيه الزكاة ب ٣ ح ٢٦ ، أمالي الطوسي : ٥١٩ / ١١٤٢.
(٣) مجمع البيان ٣ : ٢٦.