ومن هنا ذكرنا في محلّه (١) أنّه لو نسي المغرب وتذكّر بعد الدخول في ركوع الركعة الرابعة من العشاء بطلت ، لفقد شرط الترتيب ، ولا يمكن تصحيحها بالحديث ، فإنّه عامد في الإخلال به بالإضافة إلى الركعة الرابعة وإن كان ساهياً في الركعات السابقة ، ولا ريب في اعتبار الترتيب في صلاة العشاء بتمام ركعاتها ويترتّب على ذلك فروع كثيرة مذكورة في محالّها.

على أنّه غير قابل للتصديق في الفرض السابق أيضاً ، ضرورة أنّ الترتيب سواء أكان شرطاً للصلاة أم لنفس الأجزاء لم يكن معتبراً في الصلاة بحياله كي يكون موضوعاً مستقلا في مشموليته للحديث ، وإنّما هو منتزع من الأمر بالأجزاء بكيفية خاصّة من التكبير ثمّ القراءة ثمّ الركوع وبعده السجود وهكذا فهو مقوّم لجزئية الجزء ، ومحصّص له بحصّة خاصّة.

فالقراءة المعدودة من الأجزاء هي المسبوقة بالتكبير والملحوقة بالركوع ، كما أنّ الركوع المتّصف بالجزئية حصّة خاصّة منه وهو المسبوق بالقراءة الملحوق بالسجود ، وهكذا الحال في سائر الأجزاء. فالعاري عن هذه الخصوصية غير متّصف بالجزئية ، والإخلال بها إخلال بالجزء نفسه حقيقة. وعليه فلو أخّر السجدتين من الركعة السابقة عن ركوع الركعة اللّاحقة فقد أخلّ بنفس السجدتين لدى التحليل ، لا بمجرّد الترتيب ، فيدخل في عقد الاستثناء من حديث لا تعاد المقتضي للبطلان. وكيف ما كان ، فهذه الدعوى ساقطة جزماً ، ولا مناص من الحكم بالبطلان في المقام كما عرفت.

هذا كلّه فيما إذا كانت السجدتان المنسيتان من غير الركعة الأخيرة ، وأمّا لو نسيهما منها فان تذكّر قبل السلام أتى بهما وبما بعدهما من التشهّد والتسليم

__________________

(١) شرح العروة ١١ : ٤٠٠.

۴۲۲