الاولى : أن لا يجلس في الرابعة أصلاً ، كما لو تخيّل بعد رفع رأسه من السجدتين أنّها الركعة الثالثة فقام إلى الرابعة ثمّ بان أنّها الخامسة ، وهذا فرض شائع.

الثانية : أن يجلس ويتشهّد ، كما لو تخيّل أنّها الركعة الثانية فقام إلى الثالثة ثمّ بان أنّها الخامسة ، وهذا أيضاً فرض شائع.

الثالثة : أن يجلس في الرابعة ولا يتشهّد ، كما لو كان الجلوس لا لغرض التشهّد لاعتقاده أنّها الركعة الثالثة مثلاً ، بل لغرض آخر من حكّ جلده أو قراءة دعاء ونحوهما ، ويستمرّ الجلوس مقدار التشهّد ، ثمّ يقوم إلى الركعة الرابعة فيستبين أنّها الخامسة. وهذا الفرض كما ترى نادر التحقّق ، وإنّما الشائع هما الفرضان الأوّلان كما عرفت.

وحينئذ نقول : دلّت الطائفة الثانية على الصحّة مع الجلوس في الرابعة بمقدار التشهّد ، ومقتضى إطلاقها عدم الفرق بين ما إذا اقترن الجلوس بنفس التشهّد كما في الصورة الثانية ، وما إذا لم يقترن كما في الصورة الثالثة ، في مقابل الصورة الأُولى العارية عن الجلوس رأساً ، المحكومة بالبطلان. ومجرّد كون الصورة الثالثة نادرة التحقّق لا يمنع عن شمول الإطلاق لها ، فانّ الممنوع إنّما هو حمل المطلق على الفرد النادر ، لا شمول الإطلاق له وللإفراد الشائعة.

فالطائفة الأُولى محمولة على الصورة الأُولى ، والثانية على الصورتين الأخيرتين لما بين الطائفتين من نسبة الإطلاق والتقييد. ونتيجة ذلك الحكم بالبطلان فيما إذا لم يجلس في الرابعة رأساً ، والصحّة فيما إذا جلس سواء تشهّد أم لم يتشهّد.

وممّا ذكرنا يظهر فساد ما قد يقال في وجه الجمع من حمل الطائفة الثانية على التقيّة لموافقتها لمذهب العامّة ، إذ فيه : أنّ الترجيح بالمرجّح الجهتي فرع استقرار المعارضة ، ولا معارضة مع وجود الجمع العرفي بحمل المطلق على المقيّد على النحو الذي عرفت ، فبعد إمكان الجمع الدلالي لا تصل النوبة إلى ملاحظة

۴۲۲