البعديّةُ القريبة المساوقة للفورية العرفية في قبال الإتيان قبل التسليم ، لا ما يشمل البعيدة والفترة الطويلة كشهر مثلاً ، فإنّه مخالف للمتفاهم العرفي عند إطلاق هذا اللفظ كما لا يخفى.

وأوضح منها صحيحة أبي بصير : «إذا لم تدر خمساً صلّيت أم أربعاً فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك وأنت جالس ، ثمّ سلّم بعدهما» (١) ، ضرورة أنّ السجود لا يتحقّق حال الجلوس ، فإنّه هيئة خاصّة مباينة للجلوس وللقيام ونحوهما ، فالمراد المبادرة إليهما حال الجلوس بعد السلام وقبل أن يتحوّل من مكانه أو يشتغل بفعل آخر منافٍ للصلاة ، وهو كما ترى مساوق للفورية العرفية كما ذكرنا.

ونحوهما صحيحة القدّاح : «سجدتا السهو بعد التسليم وقبل الكلام» (٢) ، فانّ الظاهر من هذا التحديد بعد وضوح عدم خصوصية للكلام ، وإنّما ذكر من باب المثال لمطلق المنافيات التي أدناها التكلّم مع الغير ، إنّما هو إرادة التضييق المتّحد بحسب النتيجة مع الفورية العرفية.

وعلى الجملة : فظهور هذه النصوص في إرادة الفورية بالمعنى المزبور غير قابل للإنكار.

إلّا أنّه ربما يعارض بما ورد في ذيل موثّقة عمّار «... وعن الرجل يسهو في صلاته فلا يذكر حتّى يصلّي الفجر كيف يصنع؟ قال : لا يسجد سجدتي السهو حتّى تطلع الشمس ويذهب شعاعها ...» إلخ (٣) ، فإنّ التأخير إلى ما بعد طلوع الشمس ظاهر في عدم وجوب الفورية.

__________________

(١) الوسائل ٨ : ٢٢٤ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ١٤ ح ٣.

(٢) الوسائل ٨ : ٢٠٨ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٥ ح ٣.

(٣) الوسائل ٨ : ٢٥٠ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٣٢ ح ٢.

۴۲۲