نعم ، لا تجب سجدة السهو من أجلهما ، لعدم تعلّق النسيان بهما بعد بقاء المحلّ وحصول التدارك فيه ، وإنّما تجب من أجل السلام الزائد الواقع في غير محلّه كما عرفت (١). وعلى الجملة : لم يتحقّق الترك في هذه الصورة كي يحتاج إلى القضاء بل المأتي به هو نفس الجزء حقيقة ، فتترتّب عليه كافّة الأحكام المترتّبة على الجزء.

وأمّا في الثاني : فقد مرّ (٢) أيضاً أنّ التشهّد المنسي لا يجب قضاؤه ، ولا أثر لنسيانه عدا سجدتي السهو ، وأنّه يكتفي فيه بالتشهّد الذي تشتمل عليه سجدتا السهو كما في بعض النصوص. وعرفت أنّ صحيح ابن مسلم «في الرجل يفرغ من صلاته وقد نسي التشهّد حتّى ينصرف ، فقال : إن كان قريباً رجع إلى مكانه فتشهّد ، وإلّا طلب مكاناً نظيفاً فتشهّد فيه ...» إلخ (٣) ظاهر بقرينة قوله : «حتّى ينصرف» أي يسلّم ، في التشهّد الأخير كما استظهره أيضاً في الحدائق (٤).

وكيف ما كان ، فالمستفاد من الأدلّة عدم وجوب القضاء في نسيان التشهّد وإنّما الواجب فيه سجدتا السهو ، على عكس السجدة المنسية فانّ الواجب فيها القضاء دون سجدتي السهو كما مرّ كل ذلك في محلّه (٥) مستقصى.

وعلى تقدير تسليم وجوب القضاء في التشهّد المنسي فحكمه حكم السجدة المنسيّة التي يجب فيها القضاء بلا إشكال فنقول : هل المستفاد من الدليل المتكفّل للأمر بالقضاء فيهما أنّ ذاك واجب مستقلّ وتكليف جديد حادث بعد الصلاة ، نظير الأمر المتعلّق بسجدة السهو التي هي عمل مستقلّ غير مرتبط

__________________

(١) في المصدر المتقدم آنفاً ، وفي ص ١٠٣ من هذا المجلّد.

(٢) في ص ٩٩ وما بعدها.

(٣) الوسائل ٦ : ٤٠١ / أبواب التشهّد ب ٧ ح ٢.

(٤) الحدائق ٩ : ١٥٤.

(٥) في ص ٨٦ ١٠١.

۴۲۲