وأمّا الصورة الثانية : أعني الشكّ العارض في الوقت ، فان عرض وهو جالس في مكانه ولم يأت بالمنافي ولم يدخل في فعل آخر فلا ينبغي الإشكال أيضاً في لزوم الاعتناء بعد عدم إمكان إحرازها بأصل أو أمارة ، فيرجع إلى قاعدة الاشتغال أو الاستصحاب من غير معارض.

وأمّا لو عرض بعد الدخول في فعل آخر ولكن لم يرتكب المنافي الذي منه الفصل الطويل الماحي للصورة ، كما لو رأى نفسه جالساً يطالع وشكّ في الإتيان بركعة الاحتياط ، فهل تجري في حقّه قاعدة التجاوز والفراغ؟

يبتني ذلك على أنّ هذه القاعدة هل تجري في موارد الفراغ البنائي الاعتقادي أم يختصّ مجراها بالفراغ الحقيقي؟ فعلى الأوّل جرت القاعدة وحكم بالصحّة دون الثاني لعدم إحراز المضيّ الحقيقي بعد فرض الشكّ وعدم تجاوز المحلّ ، وحيث إنّ التحقيق هو الثاني كما هو موضح في محلّه (١) فلا مناص من الاعتناء والإتيان بصلاة الاحتياط.

نعم ، لو فرض الشكّ المزبور بعد ارتكاب المنافي فالظاهر جريان القاعدة لصدق المضيّ حينئذ حقيقة ، فإنّ محلّ صلاة الاحتياط إنّما هو قبل الإتيان بالمنافي ولا يمكن تداركها بعده إلّا بإعادة الصلاة من أصلها ، فقد مضى محلّها حقيقة وتجاوز عنه ، فيشمله قوله عليه‌السلام : كلّ شي‌ء ممّا قد مضى فأمضه كما هو (٢).

ويمكن تقريبه بوجه آخر : وهو أنّ صلاة الاحتياط بما أنّها جزء متمّم فعلى تقدير النقص كانت الفريضة فاسدة من أصلها ، فمرجع هذا إلى الشكّ في الصحّة والفساد في الصلاة الأصلية ، وإن كان بحسب الظاهر شكّاً في الوجود أي

__________________

(١) مصباح الأُصول ٣ : ٢٩٣.

(٢) الوسائل ٨ : ٢٣٧ / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب ٢٣ ح ٣ ، (نقل بالمضمون).

۴۲۲