أجل يبقى مورد العمد وما يلحق به من المقصّر الملتفت ، لكنّه نادر جدّاً ، بل لعلّ صورة العمد لم تتحقّق أبداً أو في غاية الندرة ، فإنّ ما يقع في الخارج من الإخلال مستند غالباً إلى الجهل ، كما أنّ الغالب فيه ما يكون عن تقصير ومن غير التفات من أجل عدم الفحص ، فلو كان المقصّر أيضاً مشمولاً للحديث لزم حمل هذه الأخبار على كثرتها على الفرد النادر ، وهو كما ترى. فبهذه القرينة والقرينة السابقة نلتزم بعدم الشمول ، وإن كان الحديث في نفسه غير قاصر الشمول كما عرفت.

نعم ، يستثني من ذلك موردان يحكم فيهما بالصحّة وإن كان الجاهل مقصّراً تعرّضنا لهما في الأُصول في باب الاشتغال (١) وهما الجهر والإخفات والقصر والإتمام ، فقد التزم الفقهاء فيهما بالصحّة من أجل النصّ الخاصّ (٢) لا لحديث لا تعاد كما التزموا بالعقاب أيضاً إمّا بدعوى الأمر بهما على نحو من الترتّب غير الترتّب الاصطلاحي ، أو بدعوى قيام المصلحة الكاملة بصلاة القصر أو الجهر مثلاً والمصلحة الناقصة بالإخفات أو الإتمام كما التزم به في الكفاية (٣).

وقد ذكرنا في محلّه عدم الدليل على شي‌ء من الدعويين ، بل الوجه في الصحّة لدى الجهل على ما يستفاد من النصّ المتضمّن لها كون العلم جزءاً من الموضوع فلو لم يفحص المكلّف ولو باختياره لا حاجة إلى الإعادة ، لأنّ الموضوع هو العالم بالحكم ، ولا مانع من أخذ العلم بالحكم جزءاً لموضوع نفسه ولو بدليل آخر كما بيّناه في الأُصول (٤). وأمّا العقاب فلم يثبت ، إذ لم يقم عليه إجماع.

__________________

(١) مصباح الأُصول ٢ : ٥٠٦.

(٢) الوسائل ٦ : ٨٦ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٢٦ ح ١ ، ٨ : ٥٠٦ / أبواب صلاة المسافر ب ١٧ ح ٤ وغيره.

(٣) كفاية الأُصول : ٣٧٨.

(٤) [لاحظ مصباح الأُصول ٢ : ٤٤ ، ٥٩ ، فإنه ذكر خلافه].

۴۲۲