وأمّا غير الملتفت الذي تمشّى منه قصد القربة معتقداً صحّة عمله فهو في نفسه لا مانع من شمول الحديث له ، إذ هو بحيث لو لم ينكشف له الخلاف لم يكن محكوماً بالإعادة لاعتقاده صحّة العمل حسب الفرض ، والواقع وإن كان منجّزاً عليه من أجل تقصيره في جهله إلّا أنّ الحديث الحاكم على الأدلّة الأوّلية متكفّل لنفي الإعادة وصحّة العمل ، فلا قصور في شموله لمثله في حدّ نفسه. إلّا أنّه لا يمكن الالتزام بذلك لوجهين :

أحدهما : الإجماع القطعي القائم على إلحاق المقصّر بالعامد ، المؤيّد بما ورد من أنّه يؤتى بالعبد يوم القيامة فيقال له : «هلّا عملت ، فيقول : ما علمت ، فيقال : هلّا تعلمت» (١). فهو ملحق بالعامد بالإجماع والنصّ.

ثانيهما : أنّه قد ورد الأمر بالإعادة لدى الإخلال بشي‌ء وجوداً أو عدماً في غير واحد من الأخبار ، مثل قوله عليه‌السلام (٢) : «من زاد في صلاته فعليه الإعادة» ونحو ذلك ممّا يستكشف منه الجزئية أو الشرطية أو المانعية كما مرّ وهي كثيرة واردة في أبواب التشهّد (٣) والقراءة (٤) والموانع (٥) وغيرها ، فلو كان الحديث شاملاً للمقصّر أيضاً كالقاصر فأيّ مورد يبقى بعدئذ لهذه الأخبار.

__________________

(١) [وهو مضمون ما رواه المفيد في أماليه : ٢٢٧ / ٦ عن مسعدة ، قال : «سمعت جعفر ابن محمّد عليهما‌السلام وقد سئل عن قوله تعالى ﴿فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فقال : إنّ الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة : عبدي أكنت عالماً؟ فإن قال : نعم ، قال له : أفلا عملت بما علمت. وإن قال : كنت جاهلاً ، قال له : أفلا تعلّمت حتّى تعمل ، فيخصمه وذلك الحجّة البالغة». وكذا نقله في البحار ٢ : ٢٩ عن الأمالي].

(٢) المتقدّم آنفاً.

(٣) الوسائل ٦ : ٤٠٣ / أبواب التشهد ب ٧ ح ٧ ، ٨ وغيرهما.

(٤) الوسائل ٦ : ٨٦ / أبواب القراءة في الصلاة ب ٢٦ ح ١ ، ٨٧ / ب ٢٧ ح ١ وغيرهما.

(٥) الوسائل ٧ : ٢٣٤ / أبواب قواطع الصلاة ب ١ ح ٦ ، ٧ وغيرهما.

۴۲۲