فيكشف ذلك عمّا ذكرناه من أنّ المراد من العمد ما يقابل العذر لا ما يقابل النسيان ، وأنّ المقابلة بينهما في النصّ من أجل أنّ النسيان هو الفرد البارز من العذر ، لا لخصوصية فيه ، وإلّا فالجهل بالقراءة لا يكاد يتحقّق أبداً كما عرفت.

والحاصل : أنّ الاستدلال بالصحيحة على ثبوت الإعادة للجاهل يتوقّف على إثبات أنّ المراد من المتعمّد هو القاصد ، كي يشمل الجاهل ، ولكنّه لم يثبت بل هو بعيد في نفسه ، فإنّ أكثر استعمال العمد في مقابل الخطأ ، لا بمعنى مجرّد القصد كما لا يخفى. فالصحيحة في نفسها غير ظاهرة في ذلك ، ولا أقلّ من الشكّ وإجمال المراد من العمد ، فتسقط عن الاستدلال ، فلا تصلح لتخصيص الحديث.

وأمّا صحيحة منصور : فالأمر فيها أوضح ، إذ لا مفهوم لها أبداً ، فانّ القضية شخصية ، والشرط مسوق لبيان تحقّق الموضوع الذي فرضه السائل وحاصل الجواب : أنّ الأمر إن كان كما ذكرت من فرض كونك ناسياً في مقابل العامد فقد تمّت صلاتك ، ولا إعادة عليك في هذا التقدير.

ولا دلالة فيها بوجه على أنّ كلّ من لم يكن ناسياً وإن كان معذوراً كالجاهل تجب عليه الإعادة ، لابتنائها على انعقاد المفهوم ، ولا مفهوم لها بعد كون القيد مسوقاً لبيان الأمر المتقدّم في كلام السائل ، ولتحقيق الموضوع الذي فرضه الراوي كما عرفت. وعليه فإطلاق لا تعاد الشامل للجاهل حسب الفرض سليم عمّا يصلح للتقييد.

وملخّص الكلام حول حديث لا تعاد : أنّا قد ذكرنا غير مرّة أنّ الأمر بالإعادة الوارد في غير واحد من الأخبار لدى الإخلال بشي‌ء وجوداً أو عدماً ليس أمراً نفسياً ، وإنّما هو إرشاد إلى الجزئية أو الشرطية أو المانعية ، إيعازاً إلى أنّ في العمل المأتي به خللاً ونقصاً يجب تداركه بالاستئناف. ففي مثل قوله

۴۲۲