أحدهما : ما يقابل النسيان ، ومعناه القصد ، وهو بهذا المعنى يشمل الجاهل فإنّه أيضاً قاصد وإن استند قصده إلى الجهل.

ثانيهما : ما يقابل الخطأ والعذر ، وهذا أيضاً شائع في الاستعمال ، كما يقال القتل العمدي ، في قبال الخطأي ، وهو بهذا المعنى غير صادق على الجاهل بالحكم ، فإنّه مخطئ في عمله إمّا بنفسه أو بمقلّده.

فاذا فعل أو ترك شيئاً جهلاً لم يصدر ذاك عنه عمداً ، بل هو مخطئ في ذلك كما لو تخيّل الجاهل أنّ هذا المائع ملكه فشربه ثمّ تبيّن أنّه لغيره ، فانّ الشرب وإن صدر عنه عن قصد لكن لا بعنوان أنّه ملك للغير ، بل بحسبان أنّه ملك له ، أو اعتمد في ذلك على أصل عملي كأصالة الإباحة مثلاً. وكيف ما كان فهو مخطئ في التطبيق ، معذور في الشرب ، وليس بعامد. فالعمد بهذا المعنى غير متحقّق في الجاهل.

وعليه فلم يعلم المراد من العمد في الصحيحة وأنّه بمعنى القصد في مقابل النسيان كي يشمل الجاهل ، أو المراد به ما يقابل الخطأ كي لا يشمل. وكلا الأمرين محتمل في نفسه ، ولكن الثاني أظهر ، لما عرفت من أنّ ترك القراءة جهلاً ربما لا يتّفق خارجاً ، فمراده عليه‌السلام التفصيل بين المعذور وغيره وأنّ المعذور لا يعيد صلاته ، وإنّما خصّ النسيان بالذِّكر من أجل أنّه أكثر أفراد العذر وأظهرها.

ويؤيّد ذلك أنّ عدم الإعادة ثابت في غير موارد النسيان جزماً ، كما لو أخطأ فتخيّل أنّ الركعة التي بيده هي الثالثة فاختار التسبيح ثمّ تبيّن في الركوع أنّها الثانية ، أو دخل في الجماعة معتقداً أنّ الإمام في الركعة الأُولى أو الثانية فلم يقرأ ثمّ استبان أنّه كان في الثالثة ، فإنّه لا تجب عليه الإعادة في هذه الموارد ونحوها قطعاً ، مع أنّه تارك للقراءة عمداً ، أي عن قصد.

۴۲۲