الظاهر هو الجواز وعدم وجوب التروِّي ، للإطلاق في أدلّة الإعادة. ودعوى الانصراف إلى الشكّ المستقرّ المنوط بالتروّي بلا بيّنة ولا برهان ، فانّ حال الشكّ وما يرادفه من التعبير بـ «لا يدري» المأخوذ في نصوص المقام بعينه حاله في أدلّة الأُصول العمليّة لا يراد به في كلا المقامين إلّا مسمّاه ، الصادق على مجرّد الترديد وعدم اليقين ، لما عرفت من أنّ الشكّ لغة خلاف اليقين ، وأنّ المكلّف الملتفت لا يخلو عن اليقين بالشي‌ء أو عن خلافه ولا ثالث ، فاذا لم يكن متيقّناً فهو شاكّ لا محالة ، فيندرج في موضوع الأدلّة وتشمله أحكامها من غير حاجة إلى التروّي بمقتضى الإطلاق. فالقول بوجوب التروّي ضعيف.

وأضعف منه دعوى وجوب تمديده والانتظار إلى أن تفوت الموالاة ، فإنّ هذا بعيد غايته ، لاحتياجه إلى مئونة زائدة ، وليس في الأخبار من ذلك عين ولا أثر ، بل المذكور فيها إعادة الصلاة بعد الشكّ. فالتقييد بالصبر مقدار ربع ساعة مثلاً كي تنمحي الصورة وتفوت الموالاة يحتاج إلى الدليل ، وليس في الأدلّة إيعاز إلى ذلك فضلاً عن الدلالة. فهو مدفوع بالإطلاق جزماً ، هذا.

وقد يقال بامتياز المقام عن الشكّ المأخوذ في أدلّة الأُصول ، لاختصاصه بوجه من أجله يحكم باعتبار التروّي ، وهو أنّ قطع الفريضة حرام فيجب الإتمام. وحيث يحتمل القدرة عليه بعد التروّي ، لجواز تبدّل شكّه بالظنّ أو اليقين ، فرفع اليد عن العمل قبل التروّي إبطال له مع احتمال القدرة على الإتمام الواجب عليه لدى التمكّن منه. فمرجع الشكّ إلى الشكّ في القدرة ، والمقرّر في محلّه لزوم الاحتياط في هذه الموارد. فيجب التروّي في المقام حذراً من أن يكون الإبطال مستنداً إليه.

وفيه أوّلاً : أنّ كبرى عدم جواز رفع اليد عن التكليف المحتمل لدى الشكّ في القدرة وإن كانت مسلّمة لكنّها خاصّة بموارد الأُصول العملية ، فلا تجري البراءة مع الشكّ في القدرة عند كون التكليف فعلياً من بقيّة الجهات.

۴۲۲