أمّا الجهة الأُولى : فالمشهور والمعروف هو ما عرفت من هدم القيام والعمل بعد رجوع الشكّ إلى أحد الشكوك المنصوصة المتقدّمة بموجبها.

وعن بعضهم البطلان ، نظراً إلى انتفاء النصّ في المقام ، ولا دليل على الهدم وإرجاع الشكّ إلى شكّ آخر. وأدلّة الشكوك المنصوصة منصرفة إلى ما كان كذلك ابتداءً ، لا ما كان منقلباً عن شكّ آخر. وحينئذ فمقتضى القاعدة البطلان إمّا لقاعدة الاشتغال ، أو لإطلاق صحيحة صفوان المتقدّمة (١) بعد وضوح عدم الرجوع إلى الاستصحاب ، لإلغائه في هذا الباب.

ولكنّ الصحيح ما عليه المشهور ، فانّ الشكوك المزبورة وإن كانت مغايرة بحسب الصورة لموارد الشكوك المنصوصة ، إلّا أنّها راجعة إليها لدى التحليل ومشمولة لإطلاق أدلّتها حتّى قبل هدم القيام ، من غير حاجة إلى الهدم ثمّ الإرجاع ليورد بعدم الدليل على الهدم.

فالشاكّ بين الأربع والخمس حال القيام يصدق في حقّه وقتئذ حقيقة أنّه لم يدر ثلاثاً صلّى أم أربعاً ، المأخوذ موضوعاً للحكم بالبناء على الأربع في صحيحة الحلبي والبقباق وغيرهما (٢) ، فإنّه وإن كان شاكاً في أنّ ما بيده هل هي الرابعة أم الخامسة إلّا أنّ مرجع ذلك إلى الشكّ في أنّه هل دخل في الرابعة أم في الخامسة ، وهو عين الشكّ في أنّه هل صلّى ثلاثاً أم أربعاً ، إذ لو كان دخل في الرابعة فقد صلّى الثلاث ، ولو كان داخلاً في الخامسة فقد صلّى الأربع فيندرج في موضوع النصّ المزبور حقيقة ، فيبني على الأربع ويلزم عليه هدم القيام ، لأنّه وقع زائداً.

__________________

(١) في ص ١٥١.

(٢) وقد تقدّمت في ص ١٨٧.

۴۲۲