وفيه : ما ذكرناه غير مرّة من أنّ طريق ابن إدريس إلى كتاب حريز مجهول فالرواية في حكم المرسل فلا يعتمد عليها ، ويزيدها وهناً أنّها غير مذكورة في شي‌ء من الكتب الأربعة مع بناء المشايخ الثلاثة على النقل عن كتاب حريز كما صرّح به الكليني والصدوق في ديباجتي الكافي (١) والفقيه (٢).

ثانيهما : قاعدة التجاوز التي يثبت بها وجود صلاة الظهر ، فإنّها تشمل الأجزاء وغيرها من الأعمال المستقلّة التي لها محلّ معيّن ، كما يكشف عنه تطبيقها في صحيح زرارة على الأذان والإقامة.

أقول : قد ذكرنا في الأُصول (٣) أنّ قاعدة التجاوز المتقوّمة بالشكّ في الوجود لا في صحّة الموجود سواء أكانت جارية في الأجزاء أم في غيرها يعتبر فيها التجاوز عن المشكوك ، وبما أنّ التجاوز عن نفسه غير معقول ، لفرض الشكّ في أصل وجوده ، فلا جرم يراد به التجاوز عن محلّه المقرّر له شرعاً بالدخول في الجزء المترتّب عليه ، فانّ محلّ التكبير قبل القراءة ، وهي قبل الركوع ، وهو قبل السجود وهكذا ، كما أنّ محلّ الأذان قبل الإقامة فلا يشرع بعدها ، فلو شكّ في شي‌ء من ذلك وقد خرج عن محلّه لا يلتفت إليه.

وهذا المعنى غير متحقّق في المترتّبتين كالظهرين والعشاءين ، ضرورة أنّ ما له المحلّ منهما إنّما هي الصلاة المترتّبة كالعصر والعشاء ، فهي التي اعتبر فيها التأخّر وكان محلّها الشرعي بعد الظهر والمغرب ، وأمّا السابقة فلا محلّ لها أصلاً ولم يعتبر فيها القبلية أبداً.

__________________

(١) [لم نجد له تصريحاً بذلك].

(٢) الفقيه ١ : ٣.

(٣) مصباح الأُصول ٣ : ٢٧٩.

۴۲۲