إحرامه راكباً ولا يجوز له رفع اليد عن الإحرام لوجوب إتمام الحجّ والعمرة كتاباً (١) وإجماعاً ، وقد ذكرنا أن النذر لا يوجب تقييداً في الأمر بالحجّ ، بل هنا أمران :
أحدهما : الأمر التوصلي الدال على الوفاء بالنذر.
ثانيهما : نفس الأمر الحجي ، وله أن يأتي بداعي الأمر الحجّي وإجزاؤه عن الأمر النذري المتعلّق بالحجّ ماشياً يحتاج إلى الدليل.
والحاصل : إذا كان النذر مقيّداً بسنة معيّنة وطرأ العجز بعد الإحرام يسقط الأمر النذري للعجز وإن وجب عليه إتمام الحجّ راكباً ، وإن كان مطلقاً يجب عليه الإتيان بالحج ثانياً مشياً في السنين اللّاحقة ، فالنذر سواء كان مقيّداً بسنة خاصّة أو كان مطلقاً يجب عليه إتمام الحجّ الذي شرع فيه ، ولا يكتفى به عن الحجّ النذري ، لأنّ الحجّ النذري كما عرفت إمّا يسقط وإمّا يجب إتيانه في العام القابل.
وأمّا الثاني : أعني ما تقتضيه الروايات فهي مختلفة.
منها : ما دلّ على وجوب الحجّ راكباً مع سياق بدنة أو الهدي كصحيح الحلبي (٢) : «رجل نذر أن يمشى إلى بيت الله وعجز عن المشي ، قال : فليركب وليسق بدنة فإن ذلك يجزئ عنه» وفي صحيح ذريح المحاربي «عن رجل حلف ليحجن ماشياً فعجز عن ذلك فلم يطقه ، قال : فليركب وليسق الهدي» (٣).
ومنها : ما دلّ على وجوب الحجّ راكباً بلا سياق ولا هدي كصحيح رفاعة : «رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله ، قال : فليمش ، قلت : فإنه تعب ، قال : فليركب» (٤) ، ومنها : صحيح محمّد بن مسلم قال : «سألته عن رجل جعل عليه مشياً إلى بيت الله فلم يستطع ، قال : يحج راكباً» ، ومنها : صحيحه الآخر بمضمونه (٥) ، وأمّا ما رواه أحمد بن محمّد بن عيسى في نوادره عن محمّد بن مسلم وسماعة وحفص وخبر محمّد بن
__________________
(١) كما في قوله تعالى «وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ» البقرة ٢ : ١٩٦.
(٢) الوسائل ١١ : ٨٦ / أبواب وجوب الحجّ ب ٣٤ ح ٣.
(٣) الوسائل ١١ : ٨٦ / أبواب وجوب الحجّ ب ٣٤ ح ٢.
(٤) الوسائل ١١ : ٨٦ / أبواب وجوب الحجّ ب ٣٤ ح ١.
(٥) الوسائل ٢٣ : ٣٠٧ / كتاب النذر ب ٨ ح ١ ، ٣.