فصل
في الحجّ الواجب بالنّذر والعهد واليمين

ويشترط في انعقادها البلوغ والعقل والقصد والاختيار (١) ، فلا تنعقد من الصبي وإن بلغ عشراً وقلنا بصحة عباداته وشرعيتها ، لرفع قلم الوجوب عنه ، وكذا لا تصحّ من المجنون والغافل والساهي والسكران والمكره ، والأقوى صحتها من الكافر وفاقاً للمشهور في اليمين خلافاً لبعض وخلافاً للمشهور في النذر وفاقاً لبعض ، وذكروا في وجه الفرق عدم اعتبار قصد القربة في اليمين واعتباره في النذر ولا تتحقق القربة في الكافر ، وفيه أوّلاً : أن القربة لا تعتبر في النذر بل هو مكروه وإنما تعتبر في متعلقه حيث إن اللازم كونه راجحاً شرعاً. وثانياً : أن متعلق اليمين أيضاً قد يكون من العبادات. وثالثاً : أنه يمكن قصد القربة من الكافر أيضاً. ودعوى عدم إمكان إتيانه بالعبادات لاشتراطها بالإسلام مدفوعة


(١) لا يخفى أن اعتبار هذه الأُمور من الواضحات ، أما اعتبار القصد فلأن النذر وأخويه هو الالتزام بشي‌ء لله تعالى ، وهو تابع للقصد وإلّا لا يتحقق الالتزام ، فما يصدر من الساهي والنائم والسكران والخاطئ لا عبرة به ، وكذا يعتبر البلوغ والعقل فلا عبرة بما يصدر من الصبي والمجنون للنصوص الدالة على أن الصبي لا يؤخذ بأفعاله ولحديث رفع القلم عنهما (١) ، وكذا يعتبر الاختيار ولا ينعقد من المكره ، لأنّ الإكراه يرفع الحكم المتعلق به الإكراه.

إنما الكلام في انعقاد ذلك من الكافر ، فقد نسب إلى المشهور صحّة اليمين الصادرة منه وبطلان النذر ، وقال بعضهم بالبطلان مطلقاً ، وقال آخرون بالصحة مطلقاً ومنهم المصنف قدس‌سره ، وجميع ذلك مبني على تكليف الكافر بالفروع كما هو المشهور

__________________

(١) الوسائل ١ : ٤٥ / أبواب العبادات ب ٤ ح ١١ ، ١٢.

۳۹۵