[٣٠٠٣] مسألة ٦ : إنما يعتبر الاستطاعة من مكانه لا من بلده ، فالعراقي إذا استطاع وهو في الشام وجب عليه وإن لم يكن عنده بقدر الاستطاعة من العراق بل لو مشى إلى ما قبل الميقات متسكعاً أو لحاجة أُخرى من تجارة أو غيرها وكان له هناك ما يمكن أن يحج به وجب عليه (١) ، بل لو أحرم متسكعاً فاستطاع وكان أمامه ميقات آخر أمكن أن يقال (*) بالوجوب عليه ، وإن كان لا يخلو عن إشكال (٢).


(١) لأنه لم تقيد الاستطاعة أو من له زاد وراحلة في النصوص بحصول ذلك في بلده ، إذ لا خصوصية لبلد دون بلد ، ولا دليل على لزوم حصول الاستطاعة من بلده ، بل اللّازم إتيان الحجّ والمناسك عن استطاعة ، فلو ذهب إلى بلد آخر ، بل إلى المدينة المنورة ، وقبل أن يصل إلى الميقات حصلت له الاستطاعة ، وجب عليه الحجّ. وبالجملة : لا كلام في وجوب الحجّ إذا استطاع قبل الميقات.

(٢) مقتضى إطلاق الأدلة وجوب الحجّ عليه ، والذي يمنع عن القول بالوجوب عليه حينئذ إحرامه لغير حجّة الإسلام ، إذ ليس له إبطاله والإحرام ثانياً لحج الإسلام. والحاصل : من أحرم من الميقات إحراماً صحيحاً ولو ندباً ، ليس له رفع اليد عن الإحرام ، بل يجب عليه إتمام هذا العمل ، فليس له الإحرام الثاني في ضمن الإحرام الأوّل.

ولكن الظاهر وجوب الحجّ عليه ، وإحرامه الأوّل لا يمنع عنه ، لأنه بعد فرض شمول إطلاق الأدلة لمثل المقام يكشف عن بطلان الإحرام الأوّل ، وأنه لم يكن له أمر ندبي بالحج ، وإنما هو مجرد تخيل ووهم ، ففي الواقع هو مأمور بحجّ الإسلام ، ولكن لم يكن يعلم به ، فحصول الاستطاعة ولو بعد الميقات يكشف عن بطلان إحرامه الأوّل

__________________

(*) بل هو المتعين لكشف الاستطاعة عن عدم الأمر الندبي حين الإحرام ، فيجب عليه الإحرام للحج ثانياً سواء أكان أمامه ميقات آخر أم لم يكن.

۳۹۵