[٣٠٣٣] مسألة ٣٦ : لا يشترط الرجوع إلى كفاية في الاستطاعة البذليّة (١).


لا يتمكّن من أداء دينه أصلاً يسقط وجوب الحجّ ، سواء كان الدّين مؤجّلاً أو حالاً مطالباً ، لوجوب حفظ القدرة لأداء مال الغير ، ولو علم بالتمكن من الأداء بعد الرجوع فلا يكون الدّين مانعاً.

وبالجملة : العبرة بالتزاحم ولا يختص المنع عن الحجّ بما ذكره من كون الدّين حالاً مطالباً ، بل لو كان مؤجلاً وكان السفر منافياً لأدائه يتقدم الدّين ، فلو علم أنه لو لم يحج وبقي في بلده تمكن من أداء دينه في وقته دفعة أو تدريجاً ، وأمّا إذا حجّ لا يتمكّن من الأداء حتى تدريجاً ، يسقط وجوب الحجّ للزوم التحفظ على القدرة للأداء.

(١) سيجي‌ء البحث في اعتبار الرجوع إلى الكفاية في الاستطاعة المالية وستعرف إن شاء الله تعالى أن عمدة الدليل على اعتباره نفي الحرج ، وأما رواية أبي الربيع الشامي الآتية (١) فموردها الاستطاعة المالية ، لقوله : «هلك الناس إذن إذا كانت الاستطاعة بمجرد الزاد والراحلة ثمّ يرجع فيسأل الناس بكفه ، فقيل له : فما السبيل؟ فقال : السعة في المال إذا كان يحج ببعض ويبقى بعضاً لقوت عياله» ، فإن الظاهر من الرواية صدراً وذيلاً كون موردها الاستطاعة المالية ، ولا إطلاق لها يشمل مورد الاستطاعة البذلية ، فلا بدّ من الرجوع إلى ما يقتضيه نفي الحرج.

والحاصل : الظاهر عدم اعتبار الرجوع إلى الكفاية هنا ، لصدق الاستطاعة بمجرّد عرض الزاد والراحلة بدون الرجوع إلى كفاية. نعم ، لو فرضنا تحقق الحرج والوقوع في العسر إذا سافر للحج ولم يرجع إلى كفاية ، كما إذا كان كسبه منحصراً في أيام الحجّ وإذا سافر فيها اختل أمر مئونة سنته ومعاشه وإعاشة عائلته ووقع في الضيق في بقية أيام السنة ، فحينئذ يسقط وجوب الحجّ.

ولو كانت الاستطاعة ملفقة من المال والبذل ، كما لو كان له مال لا يفي بمصارف

__________________

(١) في ص ١٦٠.

۳۹۵