الثاني من الشروط : الحرية ، فلا يجب على المملوك وإن أذن له مولاه وكان مستطيعاً من حيث المال (١) بناء على ما هو الأقوى من القول بملكه أو بذل له مولاه الزاد والراحلة ، نعم لو حجّ بإذن مولاه صحّ بلا إشكال ولكن لا يجزئه عن


المأمور به ، كالقصد إلى خصوص صلاة الظهر أو العصر أو القضاء أو الأداء أو النافلة أو الفريضة ، فإن كان المقصود أحدهما وكان الواقع شيئاً آخر ، لا يقع المأتي به عن شي‌ء منهما ، لأن الواقع لم يقصد ، وما هو مقصود لا واقع له ، فإن المأتي به غير مميز ليقع مصداقاً لأحدهما ، فالبطلان لأجل عدم القصد وعدم التمييز ، لا لأجل اعتبار قصد الوجه من الوجوب والندب ، وقد ذكرنا تفصيل ذلك في مبحث الأغسال (١) ، في مسألة من كان عليه غسل الجنابة فاغتسل غسل المس أو بالعكس.

وملخّص الكلام : أن الواجب على المكلف قد يكون أمرين ، فلو أتى من دون قصد أحدهما لا يقع شي‌ء منهما ، لعدم التمييز والتعيين ، فمن كان عليه الأداء والقضاء وأتى بأربع ركعات مع قصد القربة ، ولم يقصد الأداء ولا القضاء لا يقع ما أتى به أداءً ولا قضاء. وقد يكون الواجب الفعلي الواقعي عليه أمراً واحداً ، ولكنه في مقام الامتثال تخيل أنه من هذا القسم ، ثمّ تبين أنّه من القسم الآخر ، فإن كان من باب الاشتباه في التطبيق ، فهو في الحقيقة قصد الأمر الفعلي المتوجه إليه وقصد ماله واقع ولكن تخيل أن الواقع هو هذا ، ففي الحقيقة قصد عنوان المأمور به بوجه ما ، وقصد امتثال الأمر الفعلي ، ولكنه زعم أنه من القسم الآخر ، وهذا غير ضائر في الحكم بالصحة وحصول الامتثال.

(١) لا ريب في اعتبار الحرية في وجوب الحجّ ، ولا يجب على المملوك وإن أذن له مولاه وكان مستطيعاً ، وهذا مما لا خلاف فيه ، وتدلّ عليه طوائف من الروايات :

الطائفة الأُولى : ما دل على أنه ليس على المملوك حجّ ولا عمرة حتى يعتق كصحيحة الفضل بن يونس (٢).

__________________

(١) في المسألة [٧٠٠].

(٢) الوسائل ١١ : ٤٧ / أبواب وجوب الحجّ ب ١٥ ح ١.

۳۹۵