الصدوق رواها في الفقيه بلا زيادة الحجّ ، ولا الصلاة (١).

والظاهر أن الرواية واحدة سنداً ومتناً ، حتى لا اختلاف في الألفاظ إلّا يسيراً ولم يعلم أن هذه الزيادة مما ذكره الإمام عليه‌السلام أم لا ، مع أن الكافي أضبط ، بل الفقيه أضبط من العلل ، ومع هذا الاختلاف لا يمكن الاعتماد على صحّة هذه الزيادة. ومع الغض عن ذلك لا يمكن الاعتماد على الرواية لوجهين آخرين :

أحدهما : اشتمال الرواية على توقف الصلاة تطوعاً على إذن الأبوين ، وهذا مما لم ينسب إلى أحد أصلاً ، فلا بدّ من حمل ذلك على أمر أخلاقي أدبي ، يعني من الآداب والأخلاق الفاضلة شدة الاهتمام بأمر الوالدين ، وتحصيل رضاهما وطاعتهما حتى في مثل الصلاة والصوم ونحوهما من العبادات الإلهية ، فليست الرواية في مقام بيان الحكم الشرعي.

ثانيهما : اشتمال الرواية على اعتبار أمر الوالدين في صحّة الصوم والصلاة والحجّ مع أن ذلك غير معتبر جزماً ، إذ غاية ما يمكن أن يقال اعتبار رضاهما ، وأما اعتبار أمرهما فغير لازم قطعاً.

والحاصل : اشتمال الرواية على ذكر الصلاة وذكر أمرهما كاشف عن أن الرواية ليست في مقام بيان الحكم الشرعي ، بل إنما هي واردة في مقام بيان أمر أخلاقي فيكون الاستئذان من جملة الآداب والأخلاق.

وممّا يؤكد سقوط الرواية عن الحجية قول الصدوق في العلل ، فإنه بعد ما ذكر الخبر قال : جاء هذا الحديث هكذا «ولكن ليس للوالدين على الولد طاعة في ترك الحجّ تطوعاً كان أو فريضة ، ولا في ترك الصلاة ، ولا في ترك الصوم تطوعاً كان أو فريضة ، ولا في شي‌ء من ترك الطاعات» (٢).

هذا ، ولو استلزم السفر إلى الحجّ أذيتهما ، حرم السفر لدلالة بعض الآيات

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٩٩ / ٤٤٥.

(٢) علل الشرائع ٢ : ٣٨٥ / ب ١١٥ ح ٤.

۳۹۵