جريان القاعدة على ما حقّقناه في محلّه (١) ، وإنّما العبرة بالفراغ الواقعي والمضيّ الحقيقي المتعلّق بنفس الشي‌ء الأعم من أن يكون ما مضى صحيحاً أو فاسداً بحيث لا يكون قابلاً للتدارك إلّا بالإعادة ، وهو حاصل فيما نحن فيه بالضرورة لصدق المضيّ الحقيقي على وجه لا يمكن التدارك في المحلّ إلّا بالإعادة.

بل الوجه في عدم الجريان أنّ مورد القاعدة هو الشكّ في الصحّة والفساد ، لما عرفت من أنّ المضيّ حينئذ مستند إلى نفس الشي‌ء حقيقة ، لكون الفراغ عنه محرزاً واقعاً ، فلا محالة يكون الشكّ في صحّته وفساده ، بخلاف قاعدة التجاوز فانّ الشكّ فيها متعلّق بأصل وجود الشي‌ء ، ومن ثمّ كان إطلاق التجاوز عنه باعتبار التجاوز عن محلّه المبني على ضرب من المسامحة والعناية التي لا مناص منها بعد تعذّر المعنى الحقيقي.

وعلى الجملة : فمورد قاعدة الفراغ هو الشكّ في الصحّة والفساد ، وهذا غير منطبق على المقام ، إذ لا شكّ في صحّة الصلاة ، ولم يتطرّق احتمال الفساد ، وإنّما الترديد في تحقّق النسيان وحصول موجب القضاء وعدمه ، فيجب القضاء على تقدير ولا يجب على تقدير آخر ، والصلاة صحيحة على التقديرين. ومعه لا موضوع لإجراء تلك القاعدة.

فالمرجع الوحيد في نفي القضاء إنّما هي قاعدة التجاوز لا غير ، إذ يشكّ حينئذ في تحقّق السجدة أو التشهّد في ظرفهما وقد تجاوز محلّهما بالدخول في الجزء المترتّب ، فيبني على التحقّق بهذه القاعدة.

__________________

(١) مصباح الأُصول ٣ : ٢٩٣.

۴۲۲